الأحد، 22 أبريل 2018

الشكلية في عقد الكراء التجاري

الشكلية في عقد الكراء التجاري

تمهيد :

عرف الشرع المغربي عقد الكراء في الفصل 6277 من ق ل ع بقوله ” الكراء عقد بمقتضاه يمنح أحد طرفيه للآخر منفعة منقول أو عقار، خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة، يلتزم الطرف الآخر بدفعها له.”
كما نص في الفصل 6288 من نفس القانون على مبدأ رضائية العقد بقوله” يتم الكراء بتراضي الطرفين على الشيء والأجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد.”
 فالأصل في عقد الكراء أنه عقد رضائي، يخضع مثله مثل مجموعة من العقود للقواعد العامة الواردة في ق ل ع من حيث نشأته.
وقد حافظ ظهير 19555 الملغى طيلة العقود الماضية على مبدأ الرضائية في إبرام العقد عند سمح للأطراف العلاقة الكرائية بالاتفاق على مضامين العقد من جهة، وعدم تطلبه لأية شكلية معينة يجب على الأطراف احترامها عند ابرام العقد من جهة أخرى مما خلف في الواقع العملي طغيان العقود الشفوية على العقود الكرائية الموثقة .
 إلا أن هذا الوضع طرح العديد من المشاكل خاصة على مستوى العمل القضائي ، مما جعل المشرع يحاول تجاوزها من خلال تبني توجه جديد -رغم عدم وضوحه-يسير نحو تقييد مبدأ رضائية عقد الكراء إلى تبني نظام الشكلية .وهو ما ضمنه المشرع من خلال القانون رقم 49.16
 وللإحاطة بمختلف هذه الأحكام قسمنا الموضوع إلى مبحثين ،حيت خصصنا الأول لشكلية عقد الكراء ،في حين عرضنا في الثاني لموقف الفقه منها والذي من خلاله سوف نبحت عن طبيعة هذه الشكلية وأثار تخلفها .
المبحث الأول : شرط الكتابة في عقد الكراء التجاري وأثار تخلفها
-إن القراءة المتأنية لمقتضيات القانون رقم 49.166 تكشف لنا أهم المستجدات التي جاء بها المشرع المشرع المغربي والمتمثلة في فرضه للكتابة وذالك من خلال تطلبه تحرير العقد بمقتضى محرر ثابت التاريخ هذه الكتابة التي قد تكون في محرر كتابي (مطلب أول )أو بمقضى عقد إلكتروني (مطلب تاني)
المطلب الأول :العقد الكتاب
تعتبر الكتابة من أهم المستجدات التي جاء بها المشرع في القانون رقم 49.166 حيث نصت المادة الثالتة على ما يلي ” تبرم عقود كراء العقارات أو المحلات المخصصة للإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي وجوبا بمحرر رسمي ثابت التاريخ
عند تسليم المحل يجب تحرير بيان بوصف حالة الأماكن يكون حجة بين الأطراف ”
 والملاحظ أن المشرع نص على وجوب إبرام عقد الكراء كتابة بمحرر ثابت التاريخ ،سواء كان محررا رسميا أو عرفيا ،وذالك إنسجاما مع المادة الثالتة من القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو الإستعمال المهني.
 بالإضافة إلى التنصيص على وجوب تحرير بيان بوصف حالة الأماكن عند تسليم المحل بمقتضى الفقرة التانية من نفس المادة وذالك من أجل تمكين طرفي العلاقة الكرائية من وسيلة فعالة تبين الحالة المادية للعين المكتراة ومميزاتها ومحتوياتها .
 ويرى بعض الفقه أن المشرع إن كان لم يعرف المحرر الثابت التاريخ ،فإنه يمكن إعتبار تسمية المحررات الثابتة التاريخ هي تسمية جديدة للمحررات العرفية ، وما يؤكد ذالك هو ما قضت به محكمة النقض في إحدى قراراتها حيت إعتبرت “أن العقد الذي رفض المطلوب تقيده بالرسم العقاري ليس محررا رسميا إنما هو مجرد محرر ثابت التاريخ صادر عن محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض “
 وعموما ،تكمن أهمية الكتابة بالنسبة للمكتري في كونها وسيلة إثبات خصوصا حينما يتعلق الأمر بتجديد عقد الكراء،بإعتباره هذا الأخير كحق منه المشرع لهذا الأخير .
 غير أن الملاحظ من خلال إستقراء مضمون المادة التالثة أنها حددت وصف الشكيلية التي ينبغي توفرها في عقد الكراء التجاري لإنعقاده وقيامه صحيحا ومنتجا للأثاره ،غير أن المشرع المغربي لم يحدد الأشخاص المؤهلون لتحرير هذه العقود الكرائية مما يدفعنا للقول بوجود فراغ تشريعي يفتح الباب على مصرعيه بخصوص ثوتيق هذا الإثبات .
ومن جهتنا نرى أنه من أجل التخفيف من حدة هذا الإشكال يمكن الإستناد على مضمون المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية والتي تنص على مايلي “يجب أن تحرر -تحت طائلة البطلان -جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي .أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لم ينص القانون على خلاف ذالك .
 يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته.
 تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقذ من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية التي يمارس بدائرتها “.
 بل أبعد من ذالك يحق للموثق أن يحرر العقود الثابتة التاريخ،على إعتبار أن المشرع لم يمنعه من ذالك وإن كانت العقود التي يحررها الموثقون تكييف بوصف الرسمية والحجة في ذالك أن الأصل في الأشياء الإباحة لأنه لو أراد المشرع منع الموثق من ذالك لنص على ذالك صراحة.
كما أنه من بين الإشكالات التي تفرزها المادة الثالتة من القانون رقم 49.166 أنها إكتفت بوجوب تحرير عقد الكراء في محرر ثابت التاريخ دون الإصرار على التصديق عليه أوتصحيح إمضاءات الأطراف المتعاقدة وهو ما يتعارض مع المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية و التي علقت إنتاج أثار المحرر الثابت التاريخ الموقع من طرف المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض على شرط التصديق عليه من طرف رئيس كتابة الظبط المتواجد بدائرتها ، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب إشهار عقود الأكرية في الرسم العقاري إذا تجاوزة مدتها ثلاث سنوات .
 ويمكن القول أن الهدف من إلزامية تحرير عقد الكراء في مجرر ثابت التاريخ دون الإشارة إلى الجهات المؤهلة لتحريره ماهو إلى محاولة من المشرع لتبسيط مساطر هذا التصرف والدفع بعجلة الدورة الإقتصادية وكذا إستقرار المعاملات و التخفيف من حدة القضايا المعروضة على القضاء.
الفقرة الثانية : العقد المبرم بالطريقة الإلكترونية
 لقد ساهم التطور الإقتصادي والإجتماعي الذي عرفته المعاملات اليومية في الآونة الأخيرة أن ظهرت العديد من الوسائل والتقنيات الجديدة التي عوضت المسائل التقليدية المعتادة لتنظيم التعاملات ، حيث أدى هذا التفاعل بين تكنولوجية الإتصالات والتعاملات اليومية إلى ظهور أشكال جديدة من العقود ،وتماشيا من عولمة الإقتصاد وسعيا نحو تنظيم العلاقات التعاقدية بين أفراد المجتمع ، فقد نظم المشرع ذالك بمقضى القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية .
 وهكذا إذن يمكن للإطراف العلاقة الكرائية إبرام عقذ الكراء التجاري يطريقة إلكترونية وذالك على إعتبار أنه لا يوجد نص قانوني يمنعهم من ذالك ، فالكتابة كما تتم على الورق يمكن أن تتم عبر المحرر الإلكتروني ، وتكمن ميزة العقود الإلكترونية في إمكانية التعاقد بين غائبين دون ضرورة حضورهما أو إلتقائهما أثناء التعاقد وبالتالي ضمان إستقرار المعاملات عن بعد.
 والجدير بالملاحضة أن المشرع المغربي لم يعرف لنا المحرر الإلكتروني كما فعل بالنسبة للمحررات الرسمية أو العرفية ، إنما إكتفى بتحديد شروط المحرر الإلكتروني المثمثل في الكتابة و التوقيع .
 ويعد هذا الأسلوب من الكتابة من إحدى صور التعبير عن الإرادة في شكل مادي ظاهر وفي شكل معادلات خوارزمية تنفد من خلال عمليات إدخال البيانات وإخراجها عبر جهاز الحاسوب والتي تتم عن طريق تغدية الجهاز بهذه المعلومات بواسطة وحدات الإدخال والتي تتبلور في لوحة المفاتيح وإسترجاع المعلومات المخزنة في وحدة المعاجة المركزية،
 كما أحدث جهازا حكوميا يسهر على المصادق على المصادقة على التوقيع الإلكتروني، لضمان نزاهة وشفافية المعاملات الإلكترونية والمتمثل في السلطة المكلفة بإعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية ،فمهمتها الأساسية تكمن حسب المواد من 15 إلى 19 من القانون رقم 05-53، في ضمان إحترام مقدمي الخدمان المصادقة الإلكترونية الذين يسلمون شهادات الإلكترونية مؤمنة، للإلتزامات المنصوص عليها في هذا القانون والنصوص التنظيمية له .
 ويعتبر المحرر الإلكتروني دليلا كتابيا لإثبات العلاقة الكرائية في حالة لجوء أطرافها للإتخاد شكل العقد الإلكتروني، إذ في هذه الحالة تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة
إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورقة حسب الفصل 1-417 من ق.ل.ع.
المبحت الثاني:الشكلية لإنعقاد أم لإثباث وأثار تخلفها :
 لقد كانت غاية المشرع من خلال النص على إلزامية تحرير عقد الكراء في محرر ثابت التاريخ بمو جب المادة الثالتة من أجل تفادي المشاكل التي عانت منها المحاكم لإتباث
 وجود العقد، وعلى حد تعبير السيد وزير العدل بمناسبة عرضه المشروع على أنظار مجلس النواب ،أن القانون الجديد يسعى إلى حماية المحلات ،وهذه الحماية يجب أن تكون مبنية على قواعد ثبوتية قوية .
 غير أن هذه المادة قذ أثارت نقاشا فقهيا كبيرا حول طبيعة هذه الشكلية هل هي للإنعقاد أم لإثبات؟،وذالك في ارتقاب أن يقول القضاء كلمته مستقبلا حول طبيعة هذه الشكلية، وعلى هذا الأساس سنحاول مناقشة الإشكال الذي طرحته هذه المادة من خلال عرض المواقف الفقهية المختلفة بخصوصها (الفقرة الأولى) ،وهذا دون أن ننسى الأثار التي يمكن أن تخلفها في حالة عدم تحرير العقد كتابة (الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى: الكتابة في عقد الكراء، للانعقاد أم للإثبات؟
 لم يكن تطور موقف المشرع المغربي وذالك بإنتقال من مبدأ الرضائية في عقد الكراء إلى تبني نظام الشكلية وليدة الصدفة، بل جاء نتيجة مجموعة من الأسباب التي دفعته إلى تكريس الكتابة في هذا النوع من العقود، وتتجلى أهم هذه الأسباب في:
 محاربة التملص الضريبي : يبدو على أن الهاجس الاقتصادي الجبائي حاضر بقوة في تكريس شكلية عقد الكراء ،وهذا ما تظهره وبشكل جلي الأعمال التحضيرية لهذا القانون، حيث أكد الوزير المكلف بإعداد هذا القانون و كذلك مجلس النواب على أن توثيق عقود الأكرية المخصصة لإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي وفق مقتضيات المادة الثالثة سيمكن من تحصيل مداخيل جبائية مهمة،بحيت أنه عند إبرام عقد الكرام وفق المادة الثالثة يجب أن يخضع لواجبات التسجيل الذي تخضع له المحررات والاتفاقات كما تنص على ذلك المادة 127 من المدونة العامة للضرائب.
 التخفيف من حدة النزاعات المتعلقة بالأكرية المعروضة على القضاء للفصل فيها : وتعتبر هذه الوضعية نتيجة سلبية من نتائج العقود الشفوية والتي تؤدي في الغالب نزاعات تتمحور أساسا حول إما إثبات العلاقة الكرائية التي تتطلب جهدا قضائيا يقتضي بالضرورة الرجوع إلى القواعد العامة الخاصة بالإثبات المتميزة ببطء مساطرها وتعقدها لحل نزاع ،وإما إثبات السومة الكرائية والتي تعتبر من أكثر النزاعات شيوعا كنتيجة للعقد الشفوي الذي يتفق فيه المكري و المكتري في البداية على مبلغ السومة الكرائية ونسبة الرفع منها وطريقة استيفاءها، إلا أنه غالبا ما يتنكر أحد الطرفين من بعض هذه الالتزامات مما يعلن عن بداية نزاع يكون مآله ملف إضافي من بين آلاف الملفات المتراصة في المحاكم.
 ترسيخ التوجه السائد اليوم في مجال المعاملات : والذي يتمثل في اعتماد توثيق العقود لما يوفره هذا الإجراء من وضوح وشفافية وحماية للمتعاقدين .
 ومن المؤكد على أن نظام الشكلية يوفر مجموعة من الضمانات والحماية للمتعاقدين، وأن موقف المشرع المغربي بخصوصه مقبول في عقد الكراء لاقتناع الجميع بدور هذا النظام في تجاوز مجموعة من السلبيات التي خلفها ظهير1955 والتي عانت منها المحاكم وخاص فيما يتعلق بإثبات العقود التي تعتمد على الشفوية ، إلا أن ما يعاب على المشرع المغربي هو عدم وضوحه بخصوص طبيعة هذه الشكلية التي تتجلى في الكتابة الواردة في المادة الثالثة من قانون الكراء الجديد رقم49.16 التي أثارت لبسا لدى الجميع و شكلت مصدر إزعاج لدى الكثيرين بخصوص طبيعة العقد الكتابي مما يدفع بنا إلى التساؤل حول ما هي طبيعة عقد الكراء هل هي لإنعقاد أم لإثبات ؟
 وبخصوص ذالك فقد برز اتجاهان فقهيان حول طبيعة الكتابة الواردة في المادة الثالثة والتي سنحاول التطرق لهما كالآتي:
 أ -لاتجاه الأول: الكتابة شكلية انعقاد :إعتبر هذا الإتجاه أن أن الغاية المتوخاة من هذا القانون أن تكون العلاقة الكرائية موثقة لما توفره الكتابة من شفافية واستقرار المعاملات والتصريحات بالعقود أمام السلطات الجبائية وحل المنازعات المتعلقة بالإثبات.
وإعتبر هذا الجانب أن المشرع عندما نص على ضرورة الكتابة فإنه إرتقى بها لإعتبارها شكلية إنعقاد.
 ويستند هذا الاتجاه في تدعيم رأيه على صياغة المادة الثالثة “تبرم عقود الكراء العقارات أو المحلات المخصصة للإستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي وجوبا بمحرر كتابي ثابت التاريخ…” فكلمة يبرم تدل على كتابة العقد أما عبارة وجوبا فتأمر أطراف العلاقة الكرائية بتوثيق العقد في محرر كتابي ثابت التاريخ .
 وهكذا يرى أصحاب هذا الإتجاه أن شكلية المتطلبة هنا للإنعقاد وليست للإثبات فهي تقتضي لزوما وجود إلرام العقد في محرر ثابث التاريخ ،ومؤدى ذالك أن عقود الكراء التجاري الغير مكتوبة تعتبر صحيحة بدليل خضوعها للقواعد العامة المقررة في فانون الإلتزامات والعقود وهو ما نصت عليه مقتضيات المادة 37 من القانون رقم49.16،كما يتبين أن الكتابة ام تشترط ما دام أنه لا يوجد نص بذالك ،ويخضع الإثبات للقاعدة المنصوص عليها في المادة 334 من مدونة التجارة في باب العقود التجارية التي نصت على خضوع المادة التجارية لحرية ،وكذا المادة 628 من قانون الإلتزامات والعقود التي نصت على أنه يتم عقد الكراء بتراضي طرفيه على الشئ وعلى الأجرة مما عسى أن يتفقا عليه من شروط في العقد.
 ب-الإتجاه التاني : الكتابة شكلية إثبات : عكس الرأي السابق، يعتبر هذا الاتجاه أن عقد الكراء لا زال عقدا رضائيا، وأن الكتابة المتطلبة بموجب المادة3 لإثبات وجود العلاقة الكرائية ليست ركنا فيها بدليل عدم ترتيب البطلان صراحة على عدم استيفاءها والتنصيص على بقاء العلاقة الكرائية سارية المفعول وخضوعها للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإلتزامات والعقود وهو ما نصت عليه المادة 37، بذالك فهذه الكتابة لا تنال من مبدئية عقد الكراء وتبقى شكلية إثبات وليس شكلية إنعقاد.
 وبالمقارنة بين هذين الاتجاهين، نعتقد على أن المشرع قد كان في موقف صعب ازاء الحسم في طبيعة الكتابة، ولا نقول هذا دفاعا عن موقفه المتسم بالغموض، بل نقوله هذا بالنظر إلى الواقع المعاش الذي يحمل في طياته مجموعة من التناقضات تجعل من الصعب الانتصار لموقف معين، فلو رتب المشرع جزاء البطلان عن عدم احترام مقتضيات المادة 3 كما هو الأمر في العديد من العقود لكان ذلك من العبث مقارنة مع واقع الذي يعج بالعقود الشفوية، ولا كان هذا الأمر سيؤدي إلى خلق نوع من الاضطراب في صفوف المكترين الذين قد يصبحون مهددين من طرف المكرين بالمطالبة بالإفراغ لعدم وجود عقد الكراء، كما أن المشرع سيصطدم لا محال كان قد اتخد هذا التوجه بمصير العقود الكرائية الزهيدة والتي سيكون أطرافها ملزمين بإبرام محرر كتابي ثابت التاريخ وخاضع للتسجيل لدى المصالح الجبائية.
 أما إذا تبنى المشرع الموقف الذي يعتبر الكتابة شكلية واجبة للإثبات لوقع في نفس المشكل السالف الذكر حيث لا يمكن إثبات العلاقة الكرائية إلا بمحرر ثابت التاريخ مما سيطرح من جديد مصير العقود غير الموثقة من حيث إثباتها.
 أما عن موقفنا فنعتقد أن شرط الكتابة في هذه الحالة شرط من شروط التطبيق وليس مجرد وسيلة لإثبات أو شكلية لإنعقاد بحيث أنه عند تصفح مقتضيات قانون الكراء الجديد يتأكد لنا أن المشرع لم يجعل الكتابة كشكلية مقرونة بالجزاء بل تبقى خاضعة للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الإلتزامات والعقود وهو مانصت عليه المادة37 ، كما أن المشرع أعطى لإطراف في هذه الحالة إمكانية تدارك الأمر وتحرير العقد في أي وقت يكون مطابقا لمقتضيات المادة الثالثة وهو ماأكده المشرع من خلال المقتضى الذي جاء به في الفقرة الثانية من المادة 38 .
 على إعتبار أن هذا البيان يبقى حجة رسمية بين أطراف العلاقة الكرائية وإلا فيرجع إلى القواعد العامة لإثباث إذا حصل نزاع بين الطرفين .
 وعلى هذا الأساس نعتقد كما قال بعض الفقه أن المشرع يمنح مجموعة من الامتيازات والضمانات للعقد الكتابي بمفهوم المادة 3 وفي نفس الوقت يحاول جعل المهمة صعبة على عقود الأكرية الشفوية كورقة ضغط على الأطراف من أجل توثيق العقود فالمشرع يطبق معادلة “هذه بتلك”.
ولا يمكن لأحد اليوم أن ينكر دور الشكلية الواردة في المادة 33 لما تحققه من نتائج ايجابية، كالتخفيف من القضايا المعروضة على المحاكم، وتجاوز البطء في المساطر ومحاربة التملص الضريبي،واستقرار المعاملات ووضوحها، مما سيؤدي الى تجديد ثقة الملاك والمستثمرين وتشجيعهم من أجل فتح العقارات المغلقة والاستثمار في مجال العقار وبالتالي إنعاش الإقتصاد .
وفي الأخير لا يبقى لنا الا القول على أنه يجب التعامل مع المادة 3 من القانون رقم 49.166 بنوع من المرونة بالنظر للضمانات التي توفرها الشكلية تجاه طرفي العلاقة التعاقدية وخاصة المكتري بإعتباره الحلقة الضعيفة هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إعتبار أن الأصل في عقد الكراء هو الرضائية يمكن إثباته بمحرر ثابث التاريخ وذالك من أجل تجنب دفع العقود الغير المطابقة للمادة الثالثة نحو البطلان .
ثانيا :أثار تخلف الكتابة :
 الأصل أن الشكلية في العقود إما أن تكون شكلية لإثباث أو شكلية لإنعقاد ، فالأولى تعتبر وسيلة بين يدي أطراف العلاقة التعاقدية من أجل التشبت بوجود عقد يجمعهما ، أما الثانية فإنها تعتبر ركنا من أركان العقد .
ومن خلال إستقرائنا لمقتضيات المادة الثالثة من المادة القانون رقم 49.166 والتي نصت على وجوبية تحرير العقد في شكل محرر ثابث التاريخ ، وهو ما يدل على تطبيق القاعدة الفقهية ” لا شكلية إلى بنص “، غير أنه تخلف الكتابة المنصوص عليها في هذه المادة لا تؤدي إلى بطلان العقد لكونها لا تعبر ركنا من أركان العقد ، ولا وسيلة لإثباته وإنما شرطا من شروط تطبيق القانون رقم 49.16
 وعليه ، فإن تخلف شرط الكتابة لا يؤدي بصفة مطلقة إلى بطلانه ،وإنما يجعل العقد خاضعا لمقتضيات قانون الإلتزامات والعقود وهو ما أكدته المادة 37 (25)، غير الصيغة التي جاءءبها المشرع من خلال الفقرة الثانية من خلال المادة 38 من نفس القانون نصت على مقتضى مخالف تماما لما تضمنته المادة 3 و37 حينما ذهبت لإعتبار أن ذهبت إلى أن الأكرية المبرمة خلافا لمقتضيات الواردة في المادة الثالثة تخضع لهذا القانون ، يمكن للأطراف الإتفاق في أي وقت على إبرام عقد مطابق لمقتضياته ، مما يدفعنا للتشكيك في موقف المشرع المغربي المتسم بالغموض ، لكن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الصدد هو هل ستخضع هذه العقود -الغير الموثقة- وتستفيد من مقتضيات القانون رقم 49.16 أم أنها ستبقى للمقتضيات العامة المنصوص عليها في ق.ل.ع التي تتسم بنوع من البطء والتعقيد ؟
 وعموما، فإن الكتابة رغم ما سبق ، تبقى لها مكانة مهمة في كونها وسيلة إثباث في يد المكتري خصوصا فيما يتعلق بتجديد عقد الكراء بإعتبارهذا الأخير ، كحق منحه المشرع له بشرط أن يثيبث إنتفاعه بالمحل لمدة سنتين وهو ما لا يمكن أن يتم إلى بمقتضى عقد كتابي ، يتضمن تاريخ إبرامه ، ضف إلى ذالك أن شرط الكتابة سيغلق الباب في وجه المكري فيما يخص التلاعب ببنود العقد وتمييعها لمصلحته .

السبت، 21 يناير 2017

داعش : المحامون وطلبة الحقوق مدعوون للتوبة في ظرف 10 أيام

قام “جيش خالد بن الوليد” المنتشر في مناطق بريف درعا في سوريا، بتوجيه تهديد للمحامين ودارسي الحقوق، بضرورة التوبة إلى الله، وإعلان ذلك في “مكتب الدعوة والمساجد”، وأمهلهم مدة 10 أيام.


وقال الجيش، المرتبط بتنظيم “داعش” الإرهابي، في بيان له: “على كل من درس في كلية الحقوق، أو يحمل شهادة محاماة، الحضور إلى مكتب الدعوة والمساجد من أجل الاستتابة في مدة أقصاها عشرة أيام، من تاريخ إصدار الإعلان”.
وبحسب رؤية “جيش خالد بن الوليد” تعتبر المحاماة أو دراسة الحقوق “شركا”، كونها تعتمد على قوانين “وضعية” وليست إلهية.
ويتمركز مقاتلو الجيش في مناطق حوض اليرموك غرب حوران، وقرية جملة وعابدين الحدوديتين مع الجولان، إضافة لمنطقة القصير وكويا على الحدود مع الأردن.


الخميس، 19 يناير 2017

لائحة الناجحين في الامتحان الكتابي للمحافظة العقارية. تخصص الماستر في القانون.

لائحة الناجحين في الامتحان الكتابي للمحافظة العقارية. تخصص الماستر في القانون.

حجية كل من المحررات العرفية و الرسمية في الإثبات وإشكالية توثيق التصرفات العقارية



إن أهمية الاثبات بالكتابة تظهر في الحالة التي يقدم فيها الأفراد على ابرام تصرفات قانونية ، بحيث تقتضي مصحتهم أن يعدوا الدليل أولا، تفاديا لما قد يطرأ فيما بعد بشأن نزاعات تتعلق بتلك التصرفات المبرمة سابقا .فأهمية هذه الوسيلة ترجع إلى إمكانية تهيئتها مقدما، فتقلل من احتمالات النزاع وتيسر حسمه خاصة أنها لا تتعرض للتغيير بمرور الزمن ، وتسهل كشف أي تزوير فيها بعكس باقي الوسائل المقررة قانونا.
والملاحظ أن المشرع لم يعرف الكتابة ، بل اكتفى فقط بالنص في الفصل 417 من قانون الالتزامات و العقود على أن:
"الدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية، ويمكن أن ينتج أيضا من المراسلات والبرقيات... ومن كل كتابة أخرى، مع بقاء الحق للمحكمة في تقدير ما تستحقه هذه الوسائل من قيمة حسب الأحوال، وذلك ما لم يشترط القانون أو المتعاقدان صراحة شكلا خاصا."
ويستخلص من ذلك أن الأوراق التي تعد دليلا كتابيا هي إما أوراق رسمية أو أوراق عرفية.
 سنحاول في موضوعنا هذا الوقوف عند حجية كل من المحررات العرفية و الرسمية في الإثبات ( المطلب الأول )، ثم بعد ذلك نتطرق لإشكالية توثيق التصرفات العقارية (المطلب الثاني).
 

المطلب الأول: حجية المحرر الرسمي و العرفي في الإثبات
إن الحديث عن المحررات الرسمية و العرفية يكتسب أهمية كبيرة في الحياة اليومية ، فالأمر يتعلق بمدى قدرة هاته الأوراق في عملية الإثبات .
الفقرة الأولى: المحرر الرسمي
ينص الفصل 418 من ق ل ع على أن:
 " الورقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون .
وتكون رسمية أيضا:
-الأوراق المخاطب عليها من القضاة في محاكمهم.
 -الأحكام الصادرة من المحاكم المغربية والأجنبية، بمعنى أن هده الأحكام يمكنها حتى قبل صيرورتها واجبة التنفيذ أن تكون حجة على الوقائع التي تثبتها".
وأضاف الفصل 419 من نفس القانون، في فقرته الأولى أن :
 "الورقة الرسمية حجة قاطعة، حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور".
 من خلال هذين الفصلين يتضح أن الورقة حتى تكون رسمية لا بد أن تستجمع جملة من الشروط وهو ما يكسبها حجية قاطعة في الاثبات ، و هذه الشروط هي :
أولا : أن تكون صادرة من موظف عمومي[1] :
و حتى تكتسي الورقة صفة الرسمية ، لابد أثناء تحريرها أن يثبت فيها الموظف العمومي الوقائع التي وقعت تحت نظره وبمشهد منه خاصة بالتصرف الذي يوثقه، فيثبت حضور الأطراف المتعاقدة وما قام به كل منهم وحضور الشهود أمامه مع ذكرهم بأسمائهم، وتاريخ تحريرالورقة ، وتلاوته الصيغة الكاملة للورقة ومرفقاتها مع بيان الأثر القانوني المترتب عليها ، وقيام الأطراف والشهود بتوقيعها، وغير ذلك من الوقائع والأقوال والبيانات التي تلقاها في شأن التصرف القانوني الذي تشهد به الورقة. هذا ولا يشترط في الورقة أن تكون مكتوبة بخطه بل يكفي أن تكون موقعة بإمضائه.
ثانيا : أن يكون لهذا الموظف صلاحيـة التوثيق :
يجب أن يكون الموظف مختصا بنوع الورقة التي يحررها وألا يوجد مانع قانوني يحول دون مباشرته لعمله، بحيث إذا نزع منه الاختصاص وقت تحرير الورقة وهو عالم بذلك كانت الورقة المحررة باطلة والعكس صحيح. كما يشترط أن يكون الموظف مختصا من حيث مكان تحرير الورقة وذلك مرتبط بالجهة التي يعمل فيها على اعتبار أن قانون الوظيفة العمومية أو القوانين الخاصة تحدد لكل موظف حدود اختصاصه[2].
ثالثا : أن تكون الورقة في الشكل الذي يحدده القانون:
يجب أن تكون الورقة مشتملة على جميع البيانات والأوضاع التي أوجب القانون توافرها فيها. إذ نجد القانون يستلزم أوضاعا يجب مراعاتها في تحرير الأوراق الموثقة أو العقود الرسمية منها أن تكون الورقة مكتوبة بلغة معينة وبخط واضح دون إضافة أو كشط أو أن يذكر فيها اسم الموثق ولقبه ووظيفته إلى غير ذلك من الأوضاع والقواعد.
 هكذا فان الورقة لا تكون رسمية إلا إذا استجمعت الشروط المذكورة ، وتخلف أي منها يؤدي إلى بطلان الورقة الرسمية وبالتالي فقدانها لحجيتها في الإثبات، بحيث لا يكون لها إلا قيمة الورقة العرفية[3].
أما بخصوص حجية الورقة الرسمية في الإثبات، فلقد نص المشرع في الفصل 4199 من قانون الالتزامات و العقود على أن الورقة الرسمية :
" ..حجة قاطعة،حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي التي حررها بحصولها في محضره وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور.
 إلا أنه إذا وقع الطعن في الورقة بسبب إكراه أو احتيال أو تدليس أوصورية أو خطأ مادي، فإنه يمكن إثبات ذلك بواسطة الشهود وحتى بواسطة القرائن القوية المنضبطة المتلائمة دون احتياج إلى القيام بدعوى الزور.
 ويمكن أن يقوم بالإثبات بهذه الكيفية كل من الطرفين أو الغير الذي له مصلحة مشروعة".
كما أن مقتضيات الفصل 420 من نفس القانون كانت واضحة من حيث اعتبار الورقة الرسمية حجة في الاتفاقات والشروط الواقعة بين المتعاقدين وفي الأسباب المذكورة فيها وفي غير ذلك من الوقائع التي لها اتصال مباشر بجوهر العقد، وهي أيضا حجة في الأمور التي يثبت الموظف العمومي وقوعها إذا ذكر كيفية وصوله لمعرفتها. وكل ما عدا ذلك من البيانات لا يكون له أثر.
وتجدر الإشارة إلى أن حجية الورقة الرسمية تثبت لنسختها الأصلية؛ ذلك أن قواعد التوثيق تقضي بحفظ أصول المحررات الموثقة ويسلم الأطراف صورا رسمية منها فقط. فقد نص الفصل 440 من ق ل ع على أن النسخ المأخوذة من أصول الوثائق الرسمية والوثائق العرفية لها نفس قوة الإثبات التي لأصولها إذا شهد بمطابقتها لها الموظفون الرسميون المختصون بذلك في البلاد التي أخذت فيها النسخ. ويسري نفس الحكم على النسخ المأخوذة عن الأصول بالتصوير الفوتوغرافي.
الفقرة الثانية: المحرر العرفي
بمفهوم المخالفة للفصل 418 من قانون الالتزامات و العقود المغربي يمكن القول بأن المحرر العرفي أو الورقة العرفية هي تلك التي يقوم بتحريرها الأفراد فيما بينهم دون تدخل الموظف العمومي. و على خلاف الأوراق الرسمية التي تعتبر كلها معدة للإثبات، فإن الأوراق العرفية على نوعين: أوراق عرفية معدة للإثبات تكون موقعة ممن هي حجة عليهم، و أوراق غير معدة للإثبات ولكن القانون يجعل لها حجية في الإثبات إلى مدى معين.
 ولا يشترط في صحة الورقة العرفية المعدة للإثبات إلا توقيع من هي حجة عليه. التوقيع الذي يكون عادة بالإمضاء ، ويجوز أن يكون بالختم أو ببصمة الأصبع. فالتوقيع إذا هو دلالة خطية وتعبير صريح عن الإرادة بالتراضي على مضمون العقد، لذلك فهو يوضع عادة في آخر الورقة حتى يكون منسحبا على جميع البيانات المكتوبة الواردة فيها[4]. أما إذا كان العقد مذيلا بالبصمة فإنها لا تشكل إمضاءا يلزم صاحبه ولا تكتسب قوة إثباتية [5]، وإنما يصح اعتمادها كبدايـة حجـة يتعين تقويتها بالشهادة أو القرائن القوية لتكتسب قوتها الثبوتية. فالورقة العرفية تستمد حجيتها من التوقيع وحده، وبذلك فالورقة العرفية غير الموقعة لا تصلح للإثبات إلا إذا كانت مكتوبة بخط المدين.
 و يمكن أن تكون الورقة العرفية مكتوبة بخط المدين أو بخط أي شخص أخر شرط أن تكون موقعة من المدين ، وله أن يكتبها بأية لغة كما يجوز أن تكون الكتابة باليد أو بالطباعة.
و نشير هنا إلى أن الفصول من 433 الى 439 من قانون الالتزامات و العقود قد نصت على بعض أنواع المحررات غير المعدة للإثبات جعلت لكل منها حجية وفقا لشروط خاصة منصوص عليها قانونا، منها الرسائل والبرقيات ودفاتر التجار والدفاتر والأوراق المنزلية والتأشير على سند الدين.
 فالمراسلة هي الكتابة المتضمنة قضايا خاصة يتبادلها أشخاص معينون وتودع الى شخص أو الى إدارة البريد لإيصالها إلى شخص معين. و تشمل الكتب العادية والمضمونة وبطاقات البريد والبرقيات. أما دفاتر التجار فهي دفاتر اوجب القانون على كل تاجر أن يمسكها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي بدقة وبيان ماله وما عليه من الديون المتعلقة بتجارته.أما الدفاتر والأوراق المنزلية فهي تشمل كل ما يدون من أعمال الشخص البيتية ومعاملاته مع الغير من بيع وشراء وغيرها من الأمور، وقد تدون هده الأمور في شكل دفاتر أو على أوراق منفصلة عن بعضها[6].
أما بخصوص حجية الورقة العرفية، فقد نص الفصل 424 من ق ل ع على أن:
" الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات والبيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و 420 عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر فيما بعد".
و في نفس هذا السياق ذهبت محكمة النقض إلى أن "الثابت بمقتضى الفصل 4244 من قانون الالتزامات والعقود ان الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده او المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها يكون لها نفس قوة دليل الورقة الرسمية في مواجهة كافة الاشخاص على التعهدات التي تتضمنها وذلك ما لم يطعن فيها بسبب الاكراه أو الاحتيال او التدليس او الصورية او الخطأ المادي"[7].
المطلب الثاني : اشكالية توثيق التصرفات العقارية
لقد عرف التنظيم العقاري بالمغربي تطورات مهمة خصوصا على المستوى التشريعي ، و هذا التطور يأتي في سياق مراجعة شاملة للتشريع العقاري، قصد تبسيط أنظمته وتسهيل مهام المكلفين بمنازعاته، سواء تعلقت بالملكية وروافدها من استحقاق وقسمة واسترداد الحيازة، أم بحقوق الانتفاع كالسكنى والكراء الطويل الأمد والسطحية والرهون وغيرها.
و من جملة القوانين التي سنها المشرع المغربي استجابة لتلك الضرورة الملزمة :
- القانون 14.07 المغير والمتمم بمقتضاه ظهير 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري.
- القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية .
- القانون 32,09 المتعلق بمهنة التوثيق .وقبله قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة.
- القانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز.
- القانون 18.000 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية.
و لقد أعلن المشرع هذه المرة بشكل واضح على موقفه باستناده على " الكتابة و التوثيق " كخيار استراتيجي قانوني ذا أبعاد و مضامين اقتصادية و اجتماعية مهمة[8].
الفقرة الأولى : شكلية الكتابة في إطار القانون 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية
أولا : تعريف الملكية المشتركة
يراد بالملكية المشتركة ، أن يتملك عدة أشخاص بالاشتراك فيما بينهم مبنى مقسم إلى طبقات ، أو شقق ، أو محلات، و المقسمة إلى أجزاء يضم كل جزء منها جزءا مفرزا و حصة في الأجزاء المشتركة[9].
فحق المالك يضم جزءا مفرزا ، وحصة في الأجزاء المشتركة ، فهو حق موحد ، و من هنا يختلف عن حق الملكية العادي .
ثانيا : شكل العقد
لقد حدد المشرع طبيعة العقد و شكله ، وذلك في المادة 12 من القانون المذكور ، والتي تتلخص قواعدها فيما يلي :
أوجب المشرع أن يحرر تحت طائلة البطلان عقد شراء مسكن في اطار الملكية المشتركة في :
· محرر رسمي؛
· بموجب عقد ثابت التاريخ، يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونها تحرير العقود؛
· ضرورة توقيع العقد و التأشير على جميع صفحاته، من الأطراف، و من الجهة التي قامت بتحريره سواء كان موثقا أو عدلا أو مهنيا .
· تصحيح الامضاءات في العقود العرفية لدى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها إن تولى تحريرها ، أو لدى السلطات المحلية إن تولى تحريرها مهني مقبول .
إن الملاحظ من هذه القواعد أن المشرع قد ميز بين نوعين من الكتابة بخصوص توثيق المعاملات الواقعة على العقار المشمول بنظام الملكية المشتركة:
- الكتابة الرسمية أو المحررات الرسمية: وهي التي يحررها إما الموثق العصري طبقا لأحكام ظهير 4 ماي1925م المعدل و المتمم بالقانون 32.09 ، أو العدلان طبقـا لأحكـام القانون 03-16 المنظم لخطة العدالة مع وجوب توقيع الأطراف على العقد إلى جانب الموثق العصري العدلي كخروج عن الأصل.
- الكتابة العرفية الثابتة التاريخ: شرط توقيعها ممن هي حجة عليه طبقا لأحكام الفصل 4266 من ق ل ع .
و نشير هنا إلى أن المشرع قد حدد بشكل دقيق المهنيين المقبولين لتحرير العقود العرفية الخاصة بهذا النوع من البيوع ، و هم :
· المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى؛
· باقي المهنيين الآخرين الذين سيتم تحديد شروط قبولهم بمقتضى نص تنظيمي.
الفقرة الثانية: شكلية الكتابة في القانون رقم 44.00 المتعلق ببيع عقار في طور الإنجاز
عرف الفصل الفصل 1-618 من قانون الالتزامات و العقود بيع العقار في طور الإنجازبقوله :
" يعتبر بيعا لعقار في طور الإنجاز كل اتفاق يلتزم البائع بمقتضاه بإنجاز عقار داخل أجل محدد كما يلتزم فيه المشتري بأداء الثمن تبعا لتقدم الأشغال.."
و تعتبر عملية بيع العقار في طور الإنجاز من التصرفات القانونية المركبة التي تستلزم إبرام عقد تمهيدي أولي على أن يتمم في وقت لاحق بالموافقة على العقد النهائي الذي يؤكد هذه العملية .و أتساءل هنا عن طبيعة شكلية هذين العقدين؟ وعن من له صلاحية توثيقهما؟
إن العقد الابتدائي يعد بمثابة أول خطوة إيجابية لتأكيد العلاقة التعاقدية بين البائع والمشتري، ويعتبر من العقود المؤقتة التي تبرم لغاية محددة ينتهي بانتهائها، والملاحظ أن الفقه انقسم بخصوص مسألة تكييف هذا العقد، فقد اعتبره البعض صورة من صور الوعد الملزم للجانبين، وقد أطلق عليه البعض الآخر هذه التسمية تمييزا له عن عقد البيع المقيد في السجل العقاري[10]، في حين هناك من اعتبر العقد الابتدائي مجرد وسيلة قانونية للاحتفاظ بالحق في إبرام العقد النهائي[11] . و حيث أن العقد الابتدائي ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة قانونية مؤقتة ، فإنه قد يتحول إلى عقد نهائي ينقل الملكية للطرف المشتري إذا ما أدى المستحقات المترتبة في ذمته بمقتضى الاتفاق التمهيدي[12].
أولا : أنواع المحررات في التصرفات الخاضعة للقانون رقم 00-44
ينص الفصل 3 – 618 من القانون المذكور على أنه : "يجب أن يحرر عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.."
و الأمر هنا لا يخلو من صورتين :
· المحرر الرسمي، طبقا للفصل 418 ق ل ع
· المحرر الثابت التاريخ، شريطة أن يكون كاتبه مهنيا مأذونا له، وأن يخضع المحرر للإجراءات التي تثبت تاريخه .
ثانيا :صلاحية توثيق العقدين
إن شعور المشرع بأهمية العقود المتعلقة ببيع العقارات في طور الإنجاز، دفعه الى أن يخص مسألة إثبات هذه العقود بقواعد صارمة تهدف إلى إضفاء المزيد من القوة الإثباتية لهذه الاتفاقات، فنجده يستعمل صيغة الوجوب في ضرورة إثبات كل العقود الابتدائية والنهائية لبيع العقار في طور الإنجاز بالكتابة الرسمية أو بموجب عقد ثابت التاريخ محرر من طرف مهني ينتمي لمهنة قانونية منظمة يخولها قانونها الأساسي تحرير هذه العقود تحت طائلة البطلان.
و من جهة أخرى ، فقد نص الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود على أن الكتابة هي للإثبات وليست شكلية في البيوع، وفي هذا الإطار أصدرت استئنافية طنجة قرارا جاء في إحدى حيثياته: " وحيث أن إثبات البيع الذي ينصب على عقار يطبق بشأنه الفصل 489 قانون الالتزامات والعقود خصوصا وأن المدعى عليه ينكر وقوعه وأن إثبات وقوعه بسلوك الطريق التي اختارها المستأنف لا تستقيم مع المقتضيات القانونية لما فيه من مخالفة لمقتضيات الفصل المشار إليه.."[13].
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أضاف المشرع فقرتين لمضمون الفصل 3-6188 خول بمقتضاهما لوزير العدل صلاحية تحديد لائحة سنوية بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود مع إمكانية إدراج أسماء المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض ضمن هذه اللائحة، وذلك طبقا للمادة 24 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة .
الفقرة الثالثة: شكلية الكتابة في القانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى التملك
أولا : تعريف عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار
لما كان عقد الإيجار المفضي إلى التملك وليد حاجات اجتماعية وقانونية الغاية منه حماية
وضمان العلاقة التعاقدية فان تعريف هذا النوع من العقود كان ومازال يثير نقاشا قانونيا
سواء على مستوى الفقه أو على مستوى القضاء أو على مستوى التشريع.
و لقد عرف المشرع المغربي هذا العقد ضمن المادة الثانية من قانون 51.00 كما يلي :
" يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري
المتملك بنقل ملكية العقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة
المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار ".
و يرى بعض الباحثين أن المشرع من خلال هذا التعريف اعتبر هذا العقد نوعا من عقود البيع و
بالتالي يمكن القول على انه نوع من أنواع البيوع العقارية، لكن السؤال الذي يطرح: لما لم
يدرج بقانون الالتزامات و العقود شأنه في ذلك شان عقد بيع العقارات في طور الانجاز ؟
ثانيا : توثـيـق عـقـد الإيجار الـمـفـضي الى التملك
1. التوثيق الرسمي:
تنص المادة 4من قانون الإيجار المفضي إلى تملك العقار على أنه:
" يجب أن يحرر عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان".
 فمن خلال هذه الفقرة يتضح أن عقد الإيجار المشار إليه أعلاه يتعين أن يحرر بمقـتضى محرر رسمي أو ورقة رسمية. و والمحرر الرسـمي كما أشرنا سابقا هو الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.
و تجدر الإشارة إلى أن العقد المعني، يخضع للتحرير الرسمي بداية ونهاية أي سواء تعلق الأمر بعقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار أو البيع النهائي الخاص بالإيجار المفضي إلى تملك العقار. وقد نصت المادة 16 على هذه المقتضيات حيث لا يتم إبرام عقد البيع النهائي إلا بعد أداء المبلغ المتبقي من ثمن البيع المتفق عليه في عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار .فيبرم هذا العقد وفق الكيفية التي تم بها إبرام عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار، كما هو مبين في المادة 4 من هذا القانون.
ونشير هنا الى أن المشرع خصص المادة 7 من قانون الإيجار المفضي إلى تملك العقار للبيانات التي يجب أن تضمن بهذا العقد.
2. التوثيق العرفي:
يستفاد أيضا من نص المادة 4 من قانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار، أنه يجوز للمتعاقدين توثيق عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بمقتضى محرر ثابت التاريخ وهو المحرر العرفي، وهذا الجواز مقيد بأمرين، أن يكون الكاتب مهنيا مأذونا له، وأن يخضع المحرر المكتوب للإجراءات التي يثبت بها تاريخه.
و إذا كان المبدأ السائد فيما يمكن تسميته بالمحرر العرفي أن يسمح لأي كان ولو تمثل في أحد المتعاقدين بكتابة المحرر بشرط توقيع هذا المحرر من قبل المتعاقدين، فإن القانون 51.00 اشترط في الكاتب أن يكون مهنيا ممتهنا لمهنة قانونية، وأن تكون هذه المهنة منظمة بقانون يسمح بكتابة المحررات التعاقدية.
الفقرة الرابعة: طبيعة عقد البيع المنصب على العقارات المحفظة
ينص الفصل 489 من قانون العقود والالتزامات على ما يلي:
" إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون".
و لقد تضارب الاجتهاد القضائي في تفسير و تحديد معنى هذا الفصل ، و هكذا ذهبت بعض الاجتهادات القضائية إلى القول بأن عقد بيع العقار المحفظ هو بيع شكلي في حين ذهب البعض الآخر إلى اعتبار هذا البيع في هذه الحالة رضائيا.
أولا : الاجتهاد القائل بشكلية عقد البيع
هذا الاتجاه اعتمد أساسا على عبارات الفصل 489 من ق ل ع التي تتطلب لصحة البيع وتحت طائلة بطلانه شكليات خاصة تتجلى فيما يلي:
· الكتابة: "أن يجري البيع كتابة".
· ثبوت التاريخ: " في محرر ثابت التاريخ".
· التسجيل: " إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون"[14].
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا الاتجاه ارتكز فيما ذهبت إليه على بعض مقتضيات القانون العقاري المغربي وبالخصوص على الفصلين 66 و 67 من ظهير 12 عشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري، ذلك أن الفصل 66 ينص على أن :
" كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية. " في حين أن نص الفصل على" أن الأفعال الإرادية والاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير او الاعتراف به أو تغييره أو إسقاطه لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التسجيل..."
في هذا السياق هناك حكم صادر عن ابتدائية الدار البيضاء[15] قضت فيه بشكلية عقد البيع و في نفس هذا الاتجاه ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط[16] في قرار لها صادر بتاريخ 12/6/4 .
ثانيا : الاجتهاد القائل برضائية عقد البيع
اعتبر هذا الاتجاه أنه لا يمكن تأويل الفصل 489 من ق ل ع بمعزل عن سابقه وهو الفصل 488 من ق ل ع والذي ينص على أنه:
" يكون البيع تاما بمجرد تراضي عاقديه، أحدهما بالبيع والآخر بالشراء، وباتفاقهما على المبيع والثمن وشروط العقد الأخرى"
مبرزا أن هذا المقتضى القانوني هو الأصل الذي أقر رضائية عقد البيع.
هناك بعض الاجتهادات القضائية ، منها مثلا قرار محكمة الاستئناف بالرباط[17] الذي قضى:
"أن البيع في القانون الإسلامي يمكن إثبات وجوده بشهادة الشهود إلا أنه حسب عرف قار في المغرب فإن بيعا عقاريا يتم بالكتابة، وشهادة الشهود لا تكون مقبولة في هذا الميدان إلا إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر هذا القبول".
و قد ذهبت في هذا الاتجاه قرار محكمة النقض الفرنسية [18] في قرار لها يقضي بأن :
" يكون البيع العقاري تاما بتراضي الأطراف على المبيع والثمن، وإن معاينة هذا الاتفاق لا تخضع حسب القانون إلى أي شكل مكتوب محدد"[19].
ثالثا : الفصل 489 من قانون الالتزامات و العقود ، و إشكالية المادة 4 من مدونة الحقوق العينية
إن تحرير العقود العقارية لم يكن منظما من قبل تنظيما محكما ينتفي معه كل غموض وكان الفصل 489 من ق ل ع م هو الذي ينظم كيفية تحرير العقود العقارية والجهة المخول لها تحرير هذه العقود.
" إذا كان المبيع عقارا أو حقوقا عقارية أو أشياء أخرى يمكن رهنها رهنا رسميا وجب أن يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ، ولا يكون له أثر في مواجهة الغير إلا إذا سجل في الشكل المحدد بمقتضى القانون" .
 لقد كان هذا الفصل مثار جدل بين رجال الفقه والقانون حول العبارة الواردة فيه وهي "وجب ان يجري البيع كتابة" والتي كانت توجب ان يحرر البيع العقاري وجوبا في محرر كتابي وهو ما يعرف بالشكلية في القانون، لكن الاشكال الكبير هو سكوت المشرع عند عبارة " كتابة " ولم يحدد ما المقصود بالكتابة في هذا الفصل مما ترك المجال واسعا لكل الجهات والفئات المختصة وغير المختصة المهنية والغير مهنية وكانت النتيجة كثرة الاشكالات والمشاكل التي تثيرها العقود المحررة من طرف غير المهنيين او ما يسمى بالعقود العرفية لا على حقوق الناس ولا على مستوى الاقتصاد الوطني ككل ،وبالتالي ارتفع صوت المتدخلين في هذا القطاع من موثقين وعدول موثقين وبعض الفئات الاخرى ذات الصلة من قبيل الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية ومصلحة التسجيل والتنبر ومصلحة الضرائب والاساتذة الباحثين المهتمين بالتوثيق والعقار ونادوا بإلغاء الفصل 489 من ق ل ع تحقيقا للعدالة وحفظا لحقوق المتعاقدين وتكريسا لمبدأ الامن القانوني، وبالفعل بدأ المشرع ينهج سياسة التغير في تحرير العقود بدأ من العشرية الاخيرة من القرن الماضي إذ صدرت عدة قوانين توجب أن تنصب بعض المعاملات العقارية في قالب رسمي من هذه القوانين القانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز حيث نص في الفصل 3-618 على وجوب ان يحرر هذا العقد في محرر رسمي والقانون 18.00 و 51.00 كل هذه القوانين ضيق فيها المشرع من سلطة محرري العقود في مؤسسة التوثيق الرسمي او للمحامي المقبول للترافع امام محكمة النقض.
إلى أن حسم المشرع في هذا الجدل بصدور القانون 39.088 المتعلق بمدونة الحقوق العينية وأقر نظرية رسمية العقود.
جاء في الفصل 4 من القانون 39.04 :
 " يجب ان تحرر – تحت طائلة البطلان – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية او بإنشاء الحقوق العينية الاخرى او نقلها او تعديلها او اسقاطها بموجب محرر رسمي او بمحرر ثابت التاريخ ... "
وعليه لم يعد من الآن اشكال حول النقاش القائم فأصبح التوثيق الرسمي هو الوحيد المؤهل لتحرير العقود العقارية أو انشاء الحقوق العينية العقارية أو نقلها أو تعديلها وهو اتجاه لا شك ان له مجموعة من الايجابيات منها طبعا اقتصار تحرير هذه العقود على مجموعة وفئة معينة مؤهلة ومكونة تكوينا فقهيا وقانونيا ولها دراية وعلم بتقنيات تحرير العقود ومن جهة اخرى هذه الخطوة ستساهم تعزيز الاقتصاد الوطني والمساهمة في خزينة الدولة[20] .

[1] ينص الفصل 224 من مجموعة القانون الجنائي على أنه : "يعد موظفا عموميا ، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي ، كل شخص كيفما كانت صفته، يعهد إليه، في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة و لو مؤقتة بأجر أو بدون أجر و يساهم بذلك في خدمة الدولة ، أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية أو المؤسسات العمومية ، أو مصلحة ذات نفع عام.."
[2]المعطي الجبوجي : القواعد الموضوعية و الشكلية للإثبات ، ص 57
[3]ادريس العلوي العبدلاوي : وسائل الاثبات في التشريع المدني المغربي ص 70 – 71 .
[4]عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، المجلد 2، الاثبات، ص 114 وما يليها .
[5] المعطي الجبوجي ،القواعد الموضوعية و الشكلية للإثبات ص 61 .
[6]ادريس العلوي العبدلاوي : وسائل الاثبات في التشريع المدني المغربي ، ص90 - 95
[7]. قرار عدد 345 صادر بتاريخ 02/07/2013 . منشور بالعدد الاخير من مجلة القضاء والقانون (164 لسنة 2014).
[8] محمد الخضراوي : اشكاليات توثيق التصرفات العقارية و متطلبات التنمية : قراءة في القانون  44.00 .مقال منشور بموقع وزارة العدل .
[9] المادة الأولى من القانون 18.00
[10]الطاهر القضاوي، الوعد بالبيع، دراسة مركزة في العقار، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- الرباط، صفحة 152.
[11]عمر اليوسفي العلوي، بيع العقار في طور الإنجاز، رسالة لنيل دبلوم الماستر المتخصص في المهن القانونية والقضائية بجامعة محمد الخامس السويسي، السنة الجامعية 2008-2009، صفحة 18 .
[12]فقد ورد في الفصل 16-618 من قانون الالتزامات والعقود ما يلي: " يبرم العقد النهائي طبقا لمقتضيات الفصل 3-618 المشار إليه أعلاه، وذلك بعد أداء المبلغ الإجمالي للعقار، أو الجزء المفرز من العقار محل عقد البيع الابتدائي".
[13]قرار صادر عن استئنافية طنجة بتاريخ 20/06/1989 عدد 126/88/5
الأستاذ نور الدين الجزولي ، مقال بعنوان :عقد بيع العقار المحفظ بين الشكلية و الرضائية . [14]
[15]الصادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 26/1/1935
[16]وتجدر الإشارة إلى أن الحكم والقرار أعلاه غير منشورين ولكن أشار إليهما الأستاذ جون جاك بيرتران بمناسبة تعليق له على قرار بمجلة المحاكم المغربية لسنة 1951 ص301 و302 .
[17]قرار 12/5/1925 منشور بمجموعة قرارات هذه المحكمة 1925 ص227.
[18]الغرفة المدنية بتاريخ 2/5/1949 منشور بجريدة المحاكم المغربية 25/10/1949 ص155.
[19]تجدر الاشارة هنا الى أن هذه القرارت و الأحكام أعلاه بمناسبة موضوع " شكلية البيع في العقار المحفظ" قد أوردها الأستاذ نور الدين الجزولي في مقال له منشور في عدد من المواقع منها موقعwww.startimes.com .
[20] ذ محمد حداوي ، موثق عدلي : تكريس مبدأ الأمن القانون من خلال القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية- قراءة في بعض مقتضياتها .
بقلم ذ محمد رياض
 طالب باحث بكلية الحقوق مراكش

كيف يمكن أن تصبح مفوضا قضائيا


تنص المادة الأولى من الظهير الشريف رقم 23-06-1 الصادر في 15 محرم 1427 ( 14 فبراير 2006 ) بتنفيذ القانون رقم 81 03 المتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين على أن المفوض القضائي مساعد للقضاء يمارس مهنة حرة ، و يشترط في المرشح لمزاولتها ما يلي:
أن يكون المرشح من جنسية مغربية؛
أن يبلغ من العمر 25 سنة كاملة و أن لا يتجاوز 45 سنة ما لم يكن معفى من ذلك.
 أن يكون حاصلا على شهادة الإجازة في الحقوق أو ما يعادلها أو على شهادة الإجازة في الشريعة الإسلامية .
أن يكون في وضعية سليمة بالنسبة لقانون الخدمة العسكرية .
أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية .
أن يكون متمتعا بالقدرة الفعلية على ممارسة المهنة بكامل أعبائها .
أن لا يكون محكوما عليه من أجل جناية أو جنحة و أن لا يكون محكوما بجريمة من جرائم الأموال.
أن لا يكون قد تعرض لأي عقوبة تأديبية .
 أن يكون قد نجح في المباراة لولوج مهنة المفوضين القضائيين ، و أدى فترة التكوين و نجح في اختبار نهايته .
يعفى من المباراة في حدود ثلث المكاتب الشاغرة بمقتضى المادة 5 من القانون :
المنتدبون القضائيون الذين أثبتوا قضاءهم ل10 سنوات من العمل المتواصل بالمحاكم .
 المحررون القضائيون و كتاب الضبط الذين اثبتوا قضاءهم لخمسة عشرة سنة من العمل المتواصل بالمحاكم و الحاصلون على الشهادة المشاراليها في الفقرة الثالثة المشار إليها أعلاه
 للمزيد من التفاصيل حول كيفية إجراء المباراة و التكوين بالمعهد و كذا اختصاصات و إجراءات المفوض القضائي يمكن الاطلاع على الظهير و المرسوم المنظمان للمهنة المفوض القضائي.pdf.
التكوين الأساسي للمفوضين القضائيين

 

بناء على أحكام الظهير الشريف رقم 240.02.1 ا لصادر في 25 من رجب 1423 ) 3 أكتوبر 2002 ( بتنفيذ القانون رقم 01/09 المتعلق بالمعهد العالي للقضاء ، خاصة الفقرة الثالثة من المادة الثانية منه ، وبناء على مقتضيات المادتين السادسة و السابعة من الظهير الشريف رقم 1.06.23 صادر في 15 من محرم 1427 ( 14 فبراير 2006 ) بتنفيذ القانون رقم 03/81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين ، و بعد الاطلاع على قرار وزير العدل رقم 10.646 الصادر في 10 ربيع الأول 1431( 25 فبراير 2010) بتحديد كيفية تنظيم مباراة ولوج المهنة و اختبار نهاية التكوين شرع المعهد في تكوين فوج المفوضين القضائيين المتدربين ( دورة 2/5/2010) و الذي بلغ عدد منتسبيه 520 و ذلك ابتداء من 20/9/2010 .
الأهداف المتوخاة من التكوين
لقد تم التركيز في التكوين على أن يتوفر المفوض القضائي المتدرب عنذ نهاية التكوين على :
معارف قانونية تستلزمها ممارسة مهامه - تقنيات و مهارات لانجاز طيات التبليغ.
تدبير مساطر التنفيذ الجبري و تحرير المحاضر و الوثائق و المعاينات.
الاندماج السريع في المحيط المهني للمرافق القضائية التي سيعمل بها بصفته مساعدا للقضاء .
 توظيف التقنيات الحديثة للتواصل مع للزبناء و اعتماد البرمجيات المعلوماتية في تدبير المكتب و الملفات و الإجراءات .
 مخطط التكوين
بالنظر لأعداد المفوضين الذين خضعوا للتدريب ، فقد تم توزيع الفوج الى 3 مجموعات متساوية العدد ، مع جعل الفاصل الزمني للتكوين بين كل مجموعة و أخرى مدة 3 اسابيع . و لقد تم توزيع فترة التكوين المحددة في 6 أشهر تطبيقا لمقتضيات المادة 6 من المرسوم المشار اليه سابقا كالتالي :
3 أشهر بالمعهد : خصصت للدراسة و التكوين و الأشغال التطبيقية موزعة على 4 فترات ( 33 أسابيع لكل فترة ).
شهر و نصف للتداريب بكتابة ضبط المحاكم ، وزعت على فترتين ( 3 اسابيع لكل فترة ).
شهر و نصف للتداريب الميدانية بمكاتب مفوضين قضائيين موزعة على مرحلتين اثنتين (33 أسابيع لكل فترة ).
 المحتوى البيداغوجي للتكوين
: بتنسيق مع مديرية الشون المدنية بوزارة العدل و هيئة المفوضين القضائيين تمت برمجة مجموعة من الحصص تتوزع على المحاور التالية :
المحور الأول : مرتبط باعداد المفوض للعمل بصفته مساعدا للقضاء
22 المحور القانوني و المسطري و يتعلق بالمعارف و المعلومات المرتبطة باختصاصاته و تتمحور حول مجموعة من المواضيع وخاصة بقواعد تبليغ الأحكام و القرارات و الأوامر ، قواعد التنفيذ و المبادىء العامة للتقاضي و بلغ عدد هذه المواضيع 77 موضوعا
 مواضيع التكوين
وظائف القضاء ؛
التنظيم القضائي؛
الهيكل التنظيمي لوزارة العدل؛
مهنة المفوض القضائي؛
دراسة مقارنة لمهنة المفوض القضائي
تدبير مهنة المفوض القضائي
المفوض القضائي وكتابة الضبط
علاقة المفوض القضائي مع النيابة العامة
التنظيم الهيكلي للمحاكم العادية
التنظيم الهيكلي لكتابة الضبط
التنظيم الهيكلي لكتابة النيابة العامة
تنظيم وتدبير أقسام الأسرة
تنظيم المحاكم التجارية والإدارية
المبادئ العامة للتقاضي
الاختصاص النوعي للمحاكم
المسطرة أمام المحاكم المختصة
القواعد العامة للتبليغ
إعداد طيات التبليغ
تدبير القضايا من طرف كتابة الضبط
وصف الأحكام
تحرير الاستدعاءات وشواهد التسليم
مسطرة التحكيم
مسطرة الغيبة
الكاتب المحلف ، الوضعية القانونية
المعاينات والإنذارات بناء على طلب من الأطراف
الأوامر المختلفة بأمر من القضاء
عروض الوفاء و الإيداع
دور الكاتب المحلف في التبليغ
العمل القضائي بشأن التبليغ
اختصاص المفوض القضائي في التبليغ
الأوامر المختلفة بأمر من القضاء
المفوض القضائي ودعاوى الاستحقاق الفرعية في المنقول
المفوض القضائي والدائن المرتهن
المفوض القضائي ودائن الأصل التجاري
المفوض القضائي وتنفيذ الأحكام القضائية
المفوض القضائي وتنفيذ الأوامر المختلفة
تطبيقات عملية :المفوض القضائي والإنذار العقاري
تطبيقات عملية :المفوض القضائي ومساطر الحجز
تطبيقات عملية : الحجز على الأصل التجاري
المفوض القضائي وتنفيذ أحكام المحاكم المتخصصة (المحاكم التجارية)
مساطر الحجز التحفظي
الحجز على المنقولات
تقنيات تحرير محاضر التنفيذ
تطبيقات عملية: تحرير محضر تنفيذي
تدبير صعوبات التنفيذ القانونية
تدبير صعوبات التنفيذ الواقعية
المفوض القضائي ومسطرة التنفيذ على الشخص الذاتي
تقنيات البيوعات القضائية للمنقولات
مسطرة تنفيذ العقود والسندات القابلة للتنفيذ
تقنيات تحرير المراسلات
تطبيقات المراسلات
المفوض القضائي ومسطرة التنفيذ على الشخص المعنوي
مساطر المزايدة العلنية لبيع المنقولات
إشكاليات تنفيذ العقود والسندات القابلة للتنفيذ
قواعد السلوك
مراقبة عمل المفوض القضائي
المسؤولية الجنائية للمفوض القضائي
مسطرة وسلطة التأديب للمفوض القضائي
الحجز الوصفي / تقليد العلامة التجارية
قواعد السلوك
مراقبة عمل المفوض القضائي
الإجراءات الحمائية للمفوض القضائي
الكاتب المحلف: مهامه ونطاق اختصاصه
مسطرة التأديب للكاتب المحلف للمفوض القضائي
القواعد العامة للتواصل
مسك السجلات بمكتب المفوض القضائي
تطبيقات عملية : العمل القضائي بخصوص المسؤولية الشخصية ومسؤولية المرفق العمومي
التنفيذ الودي
تقنيات ترتيب وتنظيم وحفظ الوثائق والمستندات
مسك الحسابات بمكتب المفوض القضائي
المفوض القضائي واستعمال التكنولوجيا الحديثة للتواصل
المسطرة، الإجراءات، جهة التظلم وجهة الطعن في المقررات
نظام المشاركة للمفوض القضائي
تقنيات ترتيب وتنظيم وحفظ الوثائق والمستندات
سلطات المراقبة والتفتيش لأعمال وإجراءات المفوضين القضائيين
تطبيقات عملية حول استعمال التكنولوجيا الحديثة للتواصل
 المؤسسات التنظيمية للمفوضين القضائيين.

الثلاثاء، 17 يناير 2017

جواب نازلة موضوع امتحان المحاماة 2015

لمن يسأل عن نازلة امتحان المحاماة هذا جواب النازلة موضوع الامتحان كتبها الاستاذ عبد الحكيم الحكماوي :
الدكتور عبد الحكيم الحكماوي
نائب أول لوكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط
أستاذ زائر بكلية الحقوق سلا  باحث قانوني
وقائع النازلة
 


حضت السيدة " مرة بنت سعيد " إلى مكتبك و أخبرتك بأنها وضعت مولودا من علاقة غير شرعية مع " عاصي بن مسكين " و طلبت منك بصفتك محاميا رفع دعوى باسمها نيابة عن ابنها ضد عاصي بن مسكين باعتباره مسؤولا عن المولود ، و ذلك قصد الحكم عليه بالقيام بشؤونه المادية إلى غاية بلوغه سن الرشد القانوني .
و قد أمكنك بالرجوع إلى قانون الالتزامات و العقود الوقوف على مقتضيات الفصل 777 منه الذي ينص على ما يلي : " كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر."
أولا : ما هو نوع المسؤولية التي يمكن أن يتحملها عاصي بن مسكين ؟
 ثانيا : ما هي المسطرة التي يتعين عليك سلوكها للقيام بما كلفتك به مرة بنت سعيد ؟
في رأينا هذا حول هذه النازلة سوف لن نتطرق للجواب عن دور المحامي في رفع الدعوى و ما هي الإجراءات التي يمكن له القيام بها ، و لكن سوف نثير مجموعة من الإشكالات التي تعترض المدعية ، و هي إشكالات حقيقية لابد من أخذها بعين الاعتبار خصوصا و أنها إشكالات قوية من حيث الحجة و المنطق القانونيين .
مناقشة النازلة :
الإطار العام للنازلة :
تطرح النازلة الموضوعة للنقاش مسألة غاية في التعقيد ،و يتعلق الأمر بإشكال ليس له بعد مدني صرف ، و لكن جذوره تمتد إلى كل من مدونة الأسرة و القانون الجنائي .
فالفعل الذي أسست عليه النازلة حُدِّد كما هو مشار إليه في " علاقة غير شرعية " قامت بين كل من " مرة بنت سعيد " و " عاصي بن مسكين " و هذه العلاقة الشرعية توصف قانونا بأنها عقة فساد طبقا لمقتضيات الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على أن : " كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد إلى سنة" و هي الجريمة التي لا يُتصور قيامها إلا بالمساهمة بين طرفيها الذكر " عاصي بن مسكين " و الأنثى " مرة بنت سعيد " ؛ و بالتالي فكلا طرفي هذه العلاقة غير الشرعية ساهم بشكل إرادي في قيامها ، مما تكونت معه المسؤولية الجنائية للطرفين قائمة على قدم المساواة .
غير أننا قد نواجه بإشكال في مثل هذه الحالة يتلخص في مدى اعتبار قيام المسؤولية الجنائية في مثل هذه النازلة أساسا لقيام المسؤولية المدنية عن الخطأ المحدث للضرر ؟ و بمعنى آخر هل يمكن للمسماة " مرة بنت سعيد " أن تطالب المسمى " عاصي بن مسكين " بجبر الضرر الحاصل من فعله و إلزامه بالقيام بشؤون المولود الناتج عن هذه العلاقة غير الشرعية و تحميله المسؤولية سواء بصورة كلية أو بصورة جزئية ؟
للوقوف عند الإشكالات التي تطرحها النازلة أعلاه يمكن تقسيم الموضوع إلى محورين :
المحور الأول : قيام المسؤولية المدنية للمدعى عليه رهين بتوفر شروط موضوعية
 المحور الثاني : ضرورة تحميل المدعية المسؤولية عن فعلها الإرادي
المحور الأول : قيام المسؤولية المدنية للمدعى عليه رهين بتوفر شروط موضوعية
كما سبق و أشرنا فالأساس الواقعي و المادي للدعوى التي ترغب " مرة بنت سعيد " في رفعها هو العلاقة غير الشرعية ، و هو أساس يطرح مدى إمكانية المطالبة بجبر الضرر الحاصل للغير من طرف من كان متسببا في ذلك الضرر سواء بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا ، خاصة إذا كان الضرر ناتجا عن جريمة .
 و تكييف الفعل الذي أتاه كل من المدعية و المدعى عليه لا يتأسس إلا في إطار مقتضيات القانون الجنائي ، أي في إطار الفصل 490 من ذات القانون الذي يعتبر ما قام به الطرفان فسادا ، لذلك فإن لعب أحد الأطراف الأصليين أو المساهمين في ارتكاب الجرم دور المدعي و لو بالنيابة في مواجهة الطرف الثاني غير مرتكز على أساس قانوني ، و ذلك لاعتبارات متعددة يمكن تلخيصها في اعتبارين أساسيين :
الاعتبار الأول : أن الفعل المرتكب من الطريفين لا يسمح به القانون ؛ و هنا يجب أخذ القانون بمفهومه الواسع بما يشمل كذلك القانون الجنائي ، و بالتالي لا يمكن أن نتصور قيام شروط الفصل 77 في مواجهة المدعى عليه " عاصي بن مسكين " إلا إذا كان هو فقط من تسبب بفعله الشخصي في إحداث الضرر و لم تشاركه فيه المدعية " مرة بنت سعيد " . و لن يمكننا تصور هذه الحالة التي قد تنتج عنها ولادة غير شرعية إلا في حالة الاغتصاب التي لا تكون فيها الأنثى راضية عن العلاقة الجنسية التي كانت ضحية لها هي نفسها . و بالتالي فالفصل 77 من قانون الالتزامات و العقود يفترض شرطا ضروريا متمثلا في كون الخطأ الذي يشكل أساسا للضرر ناتجا عن طرف واحد و ليس عن طرفين بإرادتهما الحرة .
الاعتبار الثاني : أن دعوى التعويض يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مقتضيات الفصلين 99 و 100 من قانون الالتزامات و العقود ، ذلك أن الضرر الذي قد نعتبره حاصلا للمولود إنما هو ضرر ناتج عن الاشتراك في الخطأ بين طرفي الدعوى الأصليين ، المدعية و المدعى عليه . و بالتالي فإن مقتضيات الفصل 99 من قانون الالتزامات و العقود التي تنص على أنه : " إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين عملوا متواطئين، كان كل منهم مسؤولا بالتضامن عن النتائج، دون تمييز بين من كان منهم محرضا أو شريكا أو فاعلا أصليا. " قائمة في هذه الحالة فالتواطؤ حاصل و متحقق في الفعل الذي أنتج مولودا غير شرعي ، فلا يمكن تصور قيام علاقة غير شرعية إلا برضى الطرفين ، و بالتالي فكل منهما مسؤول مسؤولية تضامنية عن الخطأ المرتكب و الذي أحدث الضرر المفترض للمولود الناتج عن العلاقة غير الشرعية.
و على ذلك فإن الشروط الموضوعية التي تجعل المسمى " عاصي بن مسكين " في مركز المدعى عليه تتلخص في التالي :
 أن يكون هو من تسبب بمفرده في الخطأ ، الذي هو جريمة من حيث طبيعته ، في نازلة الحال ، و هو ما لم يتحقق في هذه النازلة .
 أن تكون المدعية لا دخل لها في ما نتج من ولادة غير شرعية ، بمعنى آخر يجب أن تكون بدورها ضحية حتى ينتفي شرط الاشتراك ، و هو ما لم يتحقق بدوره حسب ما أشير إليه أعلاه .
أن تتحدد المسؤولية - تبعا للشرطين أعلاه – مناصفة طبقا لمقتضيات الفصل 999 أساسا.
و لذلك فإنه حتى في حالة رفع الدعوى من طرف المدعية فإن المحكمة ستكون ملزمة بتطبيق القانون ، طبقا لمقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية ، لذلك يجوز لنا التساؤل حول مصير الدعوى .
المحور الثاني : ضرورة تحميل المدعية المسؤولية عن فعلها الإرادي
ينص الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية على أنه : " يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة. " .
فكما هو واضح من مقتضيات الفصل المذكور فالمحكمة أو القاضي ملزم بالبت دائما في طلبات الأطراف طبقا للقوانين الجاري بها العمل و المطبقة على النازلة و لو لم يطلب الأطراف ذلك صراحة .
و عليه فإن مفهوم القوانين في نازلتنا يشمل ك من قانون الالتزامات و العقود و خاصة الفصلين 77 و  99 منه ، و القانون الجنائي الذي يحدد طبيعة الفعل المقترف الناتجة عنه الولادة غير الشرعية ، و أخيرا قانون المسطرة المدنية و بالضبط الفصول 1 و 3 و 5 و 9 منه .
و هكذا فمن حيث إلزامية تطبيق القانون من طرف القاضي ؛ فإن هذا الأخير مجبر على تفعيل مقتضيات الفصل 99 من قانون الالتزامات و العقود ، و هي المقتضيات التي تتأسس على كون العلاقة التي جمعت بين المدعية المفترضة و المدعى عليه علاقة غير شرعية ، و أن هذه العلاقة علاقة رضائية و لم تحدث خارج إرادة المدعية ، مما لا يكون معه أي موجب للاعتداد بمقتضيات الفصل 95 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على أنه : " لا محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي، أو إذا كان الضرر قد نتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصطحبها فعل يؤاخذ به المدعى عليه " إذ لا يتوفر أي شرط ناف للمسؤولية من الشروط الواردة في الفصل المذكور و لن يكون قابلا للتحقق لأن المدعية المفترضة أقرت بموجب مقالها الافتتاحي بكون العلاقة غير شرعية ، و بالتالي ليس هناك مبرر للتشبث لا بالدفاع الشرعي و لا القوة القاهرة و لا الحادث الفجائي و هي أمور تحدث خارج إرادة الفاعل و تكون سببا في انتفاء المسؤولية .
كما أنه مما يستلزمه تطبيق القانون إثارة صفة المدعية المفترضة ، إذ النيابة عن الغير في التقاضي يجب أن تكون مشروعة و هو الأمر غير المتحقق في نازلة الحال ؛ على اعتبار أن المسماة " مرة بنت سعيد : بدورها مسؤولة قانونا بوجب مقتضيات الفصل 99 من قانون الالتزامات و والعقود ، و بالتالي فإن مصلحتها في الادعاء غير قائمة من جهة للاتصال المطالبة بحقوق الغير – المولود غير الشرعي - كما أن صفتها في الادعاء غير مؤسسة لأنها بدورها أحدثت بفعلها خطأ نتج عنه ضرر تمثل في جعل الوليد غير شرعي ، و بالتالي فإن تطبيق مقتضيات الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية قد يجد له مبررا من هذه الزاوية .
و أما من حيث التقاضي بسوء نية طبقا لمقتضيات الفصل 5 من قانون الالتزامات و العقود فمتحقق بمجرد قيام رفع الدعوى من طرف المدعية المفترضة لتحميل المدعى عليه كامل المسؤولية عما تحقق بفعل إرادي مشترك بينهما .
 و بالتالي فإن حاصل الأمر ، تكون المسماة " مرة بنت سعيد " مسؤولة بدورها قانونا عن الفعل الذي اقترفته بمعية المسمى " عاصي بن مسكين " و يجب على المحكمة أن تفعل كامل المقتضيات المتعلقة بمختلف الجوانب القانونية المرتبطة بهذا النزاع .
و بما أن الأمر متعلق بدعوى هدفها تحمل المصاريف المادية للمولود إلى حين بلوغه سن الرشد القانوني ، فإن تدخل النيابة العامة في مثل هذه الدعاوى يعتبر أمرا جوهريا لكونها طرفا رئيسيا حسب مقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية . و على ذلك فإن إدخال النيابة العامة في مثل هذه الحالة سيترتب عنه أمران ؛ أولهما دفعها بمقتضيات الفصل 99 من قانون الالتزامات و العقود من جهة و بالتالي القول بانعدام صفة المدعية في الادعاء ، و ثانيهما إثارة الدعوى العمومية في حق المدعية باعتباره أقرت بموجب مقالها بكون العلاقة التي ربطتها بالمدعى عليه علاقة غير شرعية ، مما تكون معه معترفة اعترافا صريحا بذلك.
و كما هو معلوم فإن مقتضيات الفصل 49ً33 من القانون الجنائي تنص على أنه : " الجرائم المعاقب عليها في الفصلين 490 و491 لا تثبت إلا بناء على محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس أو بناء على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم أو اعتراف قضائي. " مما تكون معه تصريحات المدعية الواردة في مقالها الافتتاحي هي نفسها الاعترافات التي تضمنتها المكاتيب و الأوراق الصادرة عن المتهم بمفهوم الفصل المذكور .
لكن السؤال المطروح في هذه المرحلة ، هو ما تأثير تحريك الدعوى العمومية في مواجهة المدعية و المدعى عليه على مطالبة المدعية المفترضة للمدعى عليه بالقيام بالشؤون المادية المولود إلى حين بلوغه سن الرشد القانوني ؟
في معرض الجواب عن هذا التساؤل وجب الوقوف على مقتضيات المادة 100 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه : " غير أنه يجب أن توقف المحكمة المدنية البت في هذه الدعوى إلى أن يصدر حكم نهائي في الدعوى العمومية إذا كانت قد تمت إقامتها. " و هي المقتضيات اساس المبدأ القاضي بكون " الجنائي يعقل المدني " ففي هذه الحالة ستكون المحكمة المرفوعة إليها الدعوى المدنية مجبرة على وقف النظر فيها إلى حين صدور حكم نهائي في الدعوى العمومية .
و كما هو معلوم في شأن وسائل إثبات جريمتي الفساد و الخيانة الزوجية ، فإنها محددة حصرا . و هنا قد نتصور إمكانية إنكار المتهم للعلاقة غير الشرعية التي اعترفت بها المتهمة / المدعية المفترضة بموجب مقالها الافتتاحي ، فلا تجوز إدانته حسب مقتضيات الفصل 493 من القانون الجنائي كما لا يمكن إجراء خبرة جينية للتأكد من كون المولود من صلب المتهم المفترض / المدعى عليه ؛ لأن المحكمة الزجرية لا تملك حق اللجوء إلى هذا الخيار طبقا لمقتضيات الفصل 493 المذكور الذي حدد وسائل الإثبات حصرا .
 و ينتج عن ذلك كون الحكم الذي سيصدر بالبراءة سيشكل سندا للمتهم المفترض / المدعى عليه ليقيم دعواه ضد المدعية بعلة أنها أحدثت له ضررا عندما ادعت أنها أقامت عقة غير شرعية معه نتجت عنها ولادة المولود المدعى بشأن حقوقه ، مستندا في ذلك لمقتضيات المادة 437 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه : " يجوز للمتهم الذي صدر في شأنه حكم بالبراءة أن يرفع ضد الطرف المدني دعوى حسب الإجراءات العادية يطلب فيها التعويض عن الضرر. "
و في هذه الحالة ستكون المدعية المفترضة أمام إشكالين : الأول أن دعوى المسمى " عاصي بن مسكين " التي سيرفعها ضدها ستكون ثابتة و مؤسسة بموجب الحكم النهائي الذي تبقى له حجيته أمام القضاء المدني ، و ثانيها ستكون مجبرة على الإثبات طبقا لمقتضيات الفصل 399 من قانون الالتزامات و العقود ، و هو أمر متعذر ما دام أن المدعى عليه حصل على حكم زجري حاز قوة الشيء المقضي به . كما أن المحكمة لا يمكن أن تستجيب لها في حالة ما إذا طلبت إجراء خبرة جينية ، لأن اللجوء إلى هذه الخبرة مشروط بشروط حصرية حددتها مدونة الأسرة في حالة المنازعة في النسب عند قيام العلاقة الزوجية أو في حالة الحمل الناتج خلال فترة الخطبة طبقا لمقتضيات المادة 156 من مدونة الأسرة .
و عموم القول فإن مشاركة المدعية المفترضة في إتيان علاقة غير شرعية " مفترضة " مع المدعى عليه سيجعلها في مركز قانوني ضعيف مما يفرض على المحامي أخذ مجموعة من الاحتياطات وفق ما ذكرناه أعلاه من أجل رفع الدعوى

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣواطن



 دﻗت ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺣﺳم، ﻣﺷروع إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺟب أن ﯾﻧﺗﻘل إﻟﻰ اﻟﺳرﻋﺔ اﻟﻘﺻوى، واﻟﻘﺿﺎء ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣواطن . ھذا ﻣﺎ أﻛده ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﷴ اﻟﺳﺎدس ﻓﻲ ﺧطﺎﺑﮫ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻓﺗﺗﺎح اﻟدورة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﺳﻧﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ﻣن اﻟوﻻﯾﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ، ﻗﯾﺎم ﻋداﻟﺔ » ﺣﯾث ﻗرر ﺟﻼﻟﺗﮫ اﻟﺗﺄﺳﯾس ﻟﻣﻔﮭوم ﺟدﯾد ﻹﺻﻼح اﻟﻌداﻟﺔ ﯾﺟﻌل اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﻣواطن، ﻣﺑرزا أن اﻟﮭدف ھو ﻣﺗﻣﯾزة ﺑﻘرﺑﮭﺎ ﻣن اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﯾن وﺑﺑﺳﺎطﺔ ﻣﺳﺎطرھﺎ وﺳرﻋﺗﮭﺎ، وﻧزاھﺔ أﺣﻛﺎﻣﮭﺎ وﺣداﺛﺔ ھﯾﺎﻛﻠﮭﺎ، وﻛﻔﺎءة وﺗﺟرد ﻗﺿﺎﺋﮭﺎ، » . وﺗﺣﻔﯾزھﺎ ﻟﻠﺗﻧﻣﯾﺔ، واﻟﺗزاﻣﮭﺎ ﺑﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون، ﻓﻲ إﺣﻘﺎق اﻟﺣﻘوق ورﻓﻊ اﻟﻣظﺎﻟم واﻟواﻗﻊ أن ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ظل ﯾوﻟﻲ ﻋﻧﺎﯾﺗﮫ اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﻘطﺎع اﻟﻌدل ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ، وأﻛد ﺟﻼﻟﺗﮫ ﻣرارا ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء ﻟﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌدل واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ، ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن دوﻟﺔ اﻟﺣﻖ واﻟﻣؤﺳﺳﺎت ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗرﺳﯾﺦ دﻋﺎﺋﻣﮭﺎ إﻻ ﺑوﺟود ﻗﺿﺎء ﻗوي وﻋﺎدل وﻧزﯾﮫ. اﻟﺳﮭر »أھﻣﯾﺔ 2001/2002وھﻛذا أﺑرز ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﻓﻲ ﺧطﺎﺑﮫ اﻟﺳﺎﻣﻲ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻓﺗﺗﺎح اﻟدورة اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣواﺻﻠﺔ إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء اﻟذي ﯾﺗﻌﯾن ﻋﻠﯾﮫ أن ﯾطور ﻣوارده اﻟﺑﺷرﯾﺔ وأﺟﮭزﺗﮫ وﻣﺳﺎطره ﻟﯾﺳﺗﺟﯾب ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌدل واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ ،ﻋن طرﯾﻖ ﺗرﺳﯾﺦ ﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون واﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ واﻟﻧزاھﺔ واﻻﻧﺻﺎف واﻟﺳرﻋﺔ ﻓﻲ اﻹﻧﺟﺎز ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى إﺻدار اﻷﺣﻛﺎم، ».وﺗﻧﻔﯾذھﺎ، ﻣﺷﯾﻌﯾن ﺑذﻟك روح اﻟﺛﻘﺔ اﻟﻣﺣﻔزة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر وھو اﻟﻌزم ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي ﺟدد ﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك اﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﺧطﺎﺑﮫ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻓﺗﺗﺎح دورة اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻘﺿﺎء، ﺣﯾث أﺑرز ﺟﻼﻟﺗﮫ أن اﻟﻣﮭﺎم اﻟﻣﻧوطﺔ ﺑﺎﻟﻘﺿﺎء ﺗﮭدف إﻟﻰ اﻟﺳﮭر ﻋﻠﻰ ﺿﻣﺎن اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم، وﺗﺄﻣﯾن اﻟﺳﻠم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ وﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون وﻣﺳﺎواة اﻟﺟﻣﯾﻊ أﻣﺎﻣﮫ وﺗﻌزﯾز ﻣﻧﺎخ اﻟﺛﻘﺔ اﻟﺳﺑﯾل ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ... وھو اﻟﺗوﺟﮫ ﻧﻔﺳﮫ اﻟذي اﻟﺗزﻣت اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺗﻧﻔﯾذه، ﺣﯾث ﺗﺿﻣن اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺣﻛوﻣﻲ ﺗﺄﻛﯾدا ﺻرﯾﺣﺎ ﻋﻠﻰ أن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔﻌﺎل ﯾﻌﺗﺑر اﻷداة اﻟﺿرورﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت واﻟﻌﻧﺻر اﻷﺳﺎس ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻻﺳﺗﺛﻣﺎر وﺗﺄﻣﯾن اﺳﺗﻘرار اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت . واﻟواﻗﻊ أن اﻟدﻋوات اﻟﻰ إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء وﺿﻣﺎن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮫ ﺗرددت ﻛﺛﯾرا ﺧﻼل اﻟﻌﺷرﯾن ﺳﻧﺔ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ، ﺳواء داﺧل اﻟﺣﻘل اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أو اﻟﺣﻘل اﻟﺣﻘوﻗﻲ أو اﻟﺣﻘل اﻟﻣﮭﻧﻲ .وﻓﻲ ھذا اﻹطﺎر ﺧﺻﺻت ﺟﻣﻌﯾﺔ ھﯾﺋﺎت اﻟﻣﺣﺎﻣﯾن ﻣﻧﺎظرﺗﮭﺎ اﻟوطﻧﯾﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﺑراﯾر ﻣن 17 و 16، وھﻲ اﻟﻣﻧﺎظرة اﻟﺗﻲ اﻧﻌﻘدت ﺑﻣدﯾﻧﺔ ﻓﺎس ﺧﻼل ﯾوﻣﻲ «اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء اﻟواﻗﻊ واﻟﻣؤﺛرات»ﻟﻣوﺿوع ، وﺧرﺟت ھذه اﻟﺗظﺎھرة ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﺗوﺻﯾﺎت واﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﮭدف اﻟﻰ ﺗﻘوﯾﺔ دور اﻟﻘﺿﺎء وﺿﻣﺎن 1990ﺳﻧﺔ اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮫ ﻟﺗﻌﺑﯾد طرﯾﻖ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ .. وﯾظﮭر ﻣن اﻟﺗوﺟﮭﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﺑﺎدرات اﻟﺗﻲ ﺗﮭم ورش إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ، أن اﻟﺗﻧﻔﯾذ ﯾﺟب أن ﯾرﻛز ﻋﻠﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺟواﻧب، ﺗﮭم ﺑﺎﻷﺳﺎس، ﺗﺳرﯾﻊ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻹﺻﻼﺣﻲ ﻟﯾﺄﺧذ وﺗﯾرﺗﮫ اﻟﻘﺻوى، واﻟﺗﻌﺑﺋﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﺟﮭﺎز اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﻛل ﻣﻛوﻧﺎﺗﮫ، واﻟﻘطﻊ ﻣﻊ ﺟﻣﯾﻊ ﻣظﺎھر اﻻﺧﺗﻼل ﻣن رﺷوة وﻋرﻗﻠﺔ وﺗﺧﺎذل وﺗردد واﻧﺗظﺎرﯾﺔ، وﺗﻌزﯾز اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻛﻔﻠﮭﺎ اﻟدﺳﺗور ﻟﻠﻘﺿﺎء ، واﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺎﻓﺄة ﺧﺻﺎل اﻟﻧزاھﺔ واﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ واﻟﺟدﯾﺔ واﻻﺟﺗﮭﺎد واﻻﺳﺗﺣﻘﺎق، وﺗوطﯾد اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء، واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟﻣﻐﺎرﺑﺔ ﻣﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ واﺳﺗﻌﺎدة اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ ﺟﮭﺎز اﻟﻌداﻟﺔ .. واﻟﺣﻘﯾﻘﺔ أن إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء ﯾﺗطﻠب أﯾﺿﺎ اﻟﻧﮭوض ﺑﻣﮭﻧﺔ اﻟﻣﺣﺎﻣﺎة ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﺟزءا ﻻﯾﺗﺟزأ ﻣن أﺳرة اﻟﻘﺿﺎء، وﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻘﺎﺿﻲ واﻟﻣﺣﺎﻣﻲ وﺟﮭﺎن ﻟﻌﻣﻠﺔ واﺣدة، ﺣﯾث إﻧﮭﻣﺎ ﺷرﯾﻛﺎن أﺳﺎﺳﯾﺎن ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻌداﻟﺔ .. وﻻﺷك أن اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺣﺻل ﺑﺄن ﺑﻧﺎء اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻟذي ﺗﻌزز ﻓﯾﮫ ﻣﻧظوﻣﺔ ﺣﻘوق اﻻﻧﺳﺎن، وﺗﺗﺣﻘﻖ ﻓﯾﮫ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ، ﻟن ﯾﺳﺗﻘﯾم دون ﻓﺻل ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻠﺳﻠط اﻟﺛﻼث اﻟﺗﺷرﯾﻌﯾﺔ واﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ واﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ، وﯾﻌﺗﺑر إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء وﺿﻣﺎن اﺳﺗﻘﻼﻟﮫ ﻋﻧﺻرا ﻣرﻛزﯾﺎ ﻟﺗرﺳﯾﺦ ھذا اﻟﺗوﺟﮫ
 
 .
إذ ﻻﯾﻣﻛن اﻟرھﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻌدل واﻟﻣﺳﺎواة واﻻﺳﺗﻘرار واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ داﺧل اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻏﯾﺎب ﺳﻠطﺔ ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء دوﻟﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺎت، ً ﺑﺎﻟﻘوة، وﺗﺗوﻓر ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ وﺳﺎﺋل اﻟﻌﻣل اﻟﺿرورﯾﺔ، وﻟذﻟك ﯾﺑﻘﻰ دور اﺳ ﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء ﺣﺎﺳﻣﺎ وﺻﯾﺎﻧﺔ اﻟﺣﻘوق، واﺣﺗرام اﻟواﺟﺑﺎت، وﺗوﻓﯾر اﻷﻣن، وﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟرﻓﺎه اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ . ﻓﻘط اﻟﺟﮭﺎزﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻌﻲ واﻟﺗﻧﻔﯾذي وإﻧﻣﺎ ﺗﻣﺗد إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف ﻣﺟﺎﻻت اﻟﺣﯾﺎة، وﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ ذﻟك ّواﻟواﻗﻊ أن ھذه اﻻﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ ﻻ ﺗﮭم اﻻﺳﺗﻘﻼل ﻋن ﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺎل واﻟﺟﺎه، وﻋن ﺳطوة اﻹﻋﻼم واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ . إن اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء ﯾﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻗدرة اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺄدوارھﺎ ووظﺎﺋﻔﮭﺎ ﻓﻲ إﺻدار اﻟﻘرارات واﻷﺣﻛﺎم واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﻧﻔﯾذھﺎ دون اﻟﺧﺿوع ﻷي ﺗﺄﺛﯾر أو وﺻﺎﯾﺔ ﻣن أي ﺟﮭﺔ ﻛﺎﻧت .إن اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء ﯾﻌﻧﻲ اﻋﺗﻣﺎد ﻣﺑدأ اﻟﻌدل واﻹﻧﺻﺎف وﺿﻣﺎن ﺣﻘوق اﻟﻣﺗﻘﺎﺿﯾن، وھو ﻣﺎ ﯾﺳﺗﻠزم ﺗﺣﺻﯾن وﺗﻣﻧﯾﻊ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻣﮭﻧﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﻌﻧوﯾﺔ ،واﻟﺧﺿوع ﻓﻘط ﻟﺿﺎﺑط اﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﮭﻧﻲ وﻟﯾس ﻟﺷﻲء آﺧر ﻏﯾر اﻟﺿﻣﯾر اﻟﻣﮭﻧﻲ . إن اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء ﯾﻌﻧﻲ أﯾﺿﺎ ﻗدرة اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻓض اﻟﻧزاﻋﺎت واﻟﻔﺻل ﻓﯾﮭﺎ وﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻣﻠﻔﺎت اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﻣن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺻﺎدرة ﺿد اﻹدارة دون %40ﻋﻠﯾﮭﺎ، ﺑﺄﻗﺻﻰ ﺳرﻋﺔ ﻣﻣﻛﻧﺔ، ﻓﻼ ﻣﻌﻧﻰ ﻹﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء ﻣﻊ ﺑﻘﺎء أﻛﺛر ﻣن أﻣﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم ﻟﻣدة ﻋﺷر ﺳﻧوات ًﺗﻧﻔﯾذ، ﻣﻧﮭﺎ أﺣﻛﺎم ﺻﺎدرة ﺿد وزارة اﻟﻌدل ﻧﻔﺳﮭﺎ، وﻻ ﻣﻌﻧﻰ ﻻﺳﺗﻣرار اﻟﻣﻠف ﻧﻔﺳﮫ ﻣﻌروﺿﺎ وأﻛﺛر دون أن ﯾﺟد طرﯾﻘﺎ ﻟﻠﺣل واﻟﺗﺳوﯾﺔ، ﻋن طرﯾﻖ اﻻﺟﺗﮭﺎد ﻓﻲ إﻋﻣﺎل ﻣﺑﺎدىء اﻟﻌداﻟﺔ، وھﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﮭﺎ ﻣﻊ اﻷﺳف اﻟﺷدﯾد، اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻣﻠﻔﺎت، ﺣﯾث ﯾرث اﻷﺣﻔﺎد ﻧزاﻋﺎت وﺧﺻوﻣﺎت اﻵﺑﺎء واﻷﺟداد ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻛﺎن ﻣن . ﺗﮭد اﻟﻘﺿﺎء ﻟﺗﺣﻘﯾﻖ اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ ﺑﯾن ھؤﻻء ْاﻟﺿروري أن ﯾﺟ إن إﺻﻼح اﻟﻘﺿﺎء وﺿﻣﺎن اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺗﮫ، ﯾﻌﻧﻲ أﯾﺿﺎ ﺗﺣﻘﯾﻖ اﻻﻧﺳﺟﺎم ﺑﯾن اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ واﻟﻣواﺛﯾﻖ اﻟدوﻟﯾﺔ وﺧﺻوﺻﺎ اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﺣول اﺳﺗﻘﻼل اﻟﻌداﻟﺔ واﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ، ﺣﯾث ، واﻟﺗﺄﻛﯾد ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام 1985ﻣن اﻟﺿروري اﻷﺧذ ﺑﻌﯾن ﺗوﺻﯾﺎت ﻣﻧظﻣﺔ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة اﻟﺗﻲ ﺑﻠورﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻣؤﺗﻣر ﻣﯾﻼﻧو ﺳﻧﺔ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻻﺳﺗﻘﻼل اﻟﻘﺿﺎء ﻓﻲ اﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟوطﻧﯾﺔ . إﻋداد :ذ/ﻋﺑداﻟﻔﺗﺎح اﻟﺻﺎدﻗﻲ