الأربعاء، 2 مارس 2016

حرية التنظيم السياسي بالمغرب



تقديم :

من أهم أشكال حرية التنظيم السياسي  بالمغرب تأسيس النقابات و ممارسة حق الإضراب و القيام بالتجمعات و المظاهرات.
و حرية التنظيم هي أحد حقوق الفرد في أن يتجمع مع أفراد آخرين للتعبير أو نشر أو ملاحقة أو الدفاع عن مصلحة مشتركة.
وهي أحد الحقوق المعترف بها ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 23 تحت نص "لكل شخص الحق في أن ينشئ وينضم إلى نقابات حماية لمصلحته." و مرت حرية التنظيم السياسي بعدة تطورات تاريخية منذ بداية القرن 20,  لكن أبرز مرحلة كانت بعد استقلال المملكة و إنشاء أول دستور سنة 1962 الذي منح العديد من الحقوق للأفراد. و هذا الموضوع له أهمية بالغة لأنه يعالج حريات التنظيم السياسي في المجتمع المغربي من خلال إصدار مجموعة من القوانين لتنظيم حريات النقابية في المجتمع المغربي. و لهذا سنعتمد في معالجة موضوعنا هذا على منهج تحليلي قانوني من خلال التركيز على الأساس القانوني للدستور الذي نص في فصله 29 على أن "حرية الاجتماع و التجمهر و النظام السلمي و تأسيس الجمعيات و الانتماء النقابي      و السياسي و ممارسة حق الإضراب مضمونة و يحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات ”. و منه فالسؤال الذي يطرح : كيف عالج المشرع المغربي الإطار القانوني لكل من التجمعات و النقابات و المظاهرات و ممارسة حق الإضراب ؟ و ماهي حدود و نطاق ممارسة كل من هذه الحقوق في التنظيم السياسي المغربي؟ أسئلة من بين أخرى سنحاول الإجابة عنها في هذا الموضوع من خلال التصميم التالي :
المبحث الأول: دور النقابات و الإضرابات في التنظيم السياسي المغربي.
المبحث الثاني: حرية التجمعات العمومية في التنظيم السياسي المغربي.

المبحث الأول :دور النقابات و الإضرابات في التنظيم السياسي المغربي.
إن العمل النقابي و الإضراب هما وجهان لحق واحد و هناك ارتباط قوي بين الحقين على الأقل في الواقع كما أن الدستور منح حق الانتماء النقابي و ممارسة حق الإضراب في الفصل 29 من الدستور و عليه سنحاول الإحاطة بدور المنظمات النقابية في التنظيم السياسي المغربي (المطلب الأول) و  نطاق  ممارسة حق الإضراب في التنظيم السياسي المغربي .(المطلب الثاني)

المطلب الأول: المنظمات النقابية في التنظيم السياسي المغربي.
تعتبر النقابات هيئات مهنية تدافع عن المصالح المادية و المعنوية الخاصة بالمنخرطين فيها و يتم تأسيسها و ممارسة أنشطتها بحرية ,في نطاق احترام الدستور و القانون و ذلك طبقا لمقتضيات الفصل 8 من الدستور و لهذا تتطلب الإشارة إلى الإطار القانوني المنظم للنقابات في المغرب(الفرع الأول) و كذا توضيح كيفية تأثير النقابات على التنظيم السياسي المغربي (الفرع الثاني).


الفرع الأول: الإطار القانوني المنظم للنقابات في المغرب.
لقد نظمت النقابات في عدة نصوص مختلفة فهي حق دستوري أشارة لها الفصل الثامن من الدستور الذي منح حق تأسيس النقابات بكل حرية, كما  انه  وضح دور النقابات و التي تتمثل في الدفاع عن حقوق و المصالح للفئات التي تمثلها ,علاوة على الفصل 8 من الدستور منح الفصل 29 من الدستور حق الانتماء النقابي.
و نظمت النقابات بموجب ظهير الشريف رقم 119-57-1 الصادر في 18 ذو الحجة 1376 الموافق 16 يوليوز 1957 و يضم 4 أبواب:
الباب الأول: يتعلق بالغاية من تأسيس النقابات و هو الدفاع عن مصالح الاقتصادية, والصناعية ,و التجارية ,و الفلاحية الخاصة بالمنخرطين فيها ,و ذلك طبقا للفصل الأول من الظهير كما أن الفصل الثاني أشار إلى أن كل أشخاص يزاولون مهنة حرة واحدة أو يشبه بعضها بعض يحق لهم تأسيس نقابات مهنية بكل حرية.
أما الباب الثاني: فيتعلق بالكفاءة المدنية للنقابات المهنية حيث نص الفصل 10 من ظهير 16 يوليوز 1957 على أن النقابات المهنية المؤسسة بصفة قانونية تتمتع بالشخصية المدنية.
و تطرق الباب الثالث: إلى العلامات النقابية في فصلين 20 و 21 و أكد في هذا الباب على ضرورة إيداع النقابات لعلاماتها و إمارتها.
و خصص الباب الرابع: للعقوبات في حالت مخالفة مقتضيات الظهير ,و أشار الى هذه العقوبات الفصول  22 و 23 و 24 و 25 و 26 من ظهير النقابات المهنية.
علاوة على الدستور و ظهير النقابات المهنية فقد نظم قانون الشغل النقابات في فصل 398 الذي منح للأجراء حق الانخراط في النقابات المهنية بكل حرية    .و كذلك الفصل 14 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية منح للموظف الحق في ممارسة حق النقابي و فق الشروط المنصوص عليها في التشريع الجاري به.
و تؤثر هذه المنظمات النقابية على التنظيم السياسي و ذلك من خلال أنشطتها و سنحاول التعرف على هذه التأثيرات من خلال دراستنا في الفرع الثاني لتأثير النقابات على التنظيم السياسي المغربي.
الفرع الثاني: تأثير النقابات على التنظيم السياسي المغربي.
إن معظم الدول الساعية إلى تحقيق الديمقراطية تعترف للهيئات النقابية بمهمة تأطير المنخرطين فيها و تمثيلهم و نص الفصل 8 من دستور المملكة على مايلي :
"تساهم المنظمات النقابية للأجراء و الغرف المهنية و المنظمات المهنية للمشغلين في الدفاع عن الحقوق و المصالح الاجتماعية و الاقتصادية للفئات التي تمثلها و في النهوض بها و يتم تأسيسها و ممارسة أنشطتها بحرية في نظام احترام الدستور و القانون".
و منه فالنقابات هي هيئات مهنية تدافع عن مصالح العمال و غالبا ما تؤثر على النظام السياسي و ذلك من خلال :

- الدفاع عن الحقوق و المصالح الاجتماعية و الاقتصادية للفئات التي تمثلها للنهوض بها طبقا للفصل 8 من الدستور
.

- من خلال ممارستها للحملات الإعلامية.

- دخولها في إضرابات و الإعلان عن الاحتجاجات و المظاهرات لتحقيق مطالب منخرطين فيها.
-  يمكنها التأثير مباشرة في نظام الحكم.

 - يمكنها المساهمة في ممارسة السلطة أحيانا.

- تمويلها للأحزاب السياسية لكي تنشئها للدفاع عن مصالحها.
المطلب الثاني:  نطاق ممارسة حق الإضراب في التنظيم السياسي المغربي.
يعتبر حق الإضراب أحد الحقوق المشروعة لدفاع عن المصالح المادية    و المعنوية للأجراء ,و باعتباره أحد الحقوق المنصوص عليه في الفصل 29 من الدستور يجعل منه حق دستوري مخول للأفراد و الجماعات   وهذا ما يحتم علينا البحث عن أسباب مشروعية ممارسة حق الإضراب (الفرع الأول) و حق الإضراب بين النص القانوني والممارسة(الفرع الثاني).
الفرع الأول: مشروعية ممارسة حق الإضراب.
رغم أن المشرع المغربي منح حق الإضراب في الفصل 29 من الدستور إلا أنه أحالة على قانون تنظيمي لم يصدر لحد الآن, كما أن المشرع المغربي امتنع عن تعريف الإضراب على غرار باقي التشريعات المقارنة على تعريفه خلافا للتشريع العراقي الذي عرف الإضراب بأنه اتفاق مجموع من العمال والمستخدمين أو أكثرهم على التوقف عن العمل، بشأن أمور تتعلق بشروط العمل والاستخدام وأحوالها . أما على مستوى الفقه، نجد أنه أعطى للإضراب العديد من التعريفات والتي إن اختلفت لفظا فإنها واحدة من حيث المعنى، وتصب كلها نحو تعريف الإضراب بأنه ذلك التوقف الجماعي المؤقت عن الشغل بهدف تحقيق مطالب ذات طابع مهني. وهكذا يتبين لنا من خلال التعريف السابق أنه لابد أن تتحقق ثلاثة عناصر وهي: أن يكون هناك توقف عن الشغل، وأن يكون هناك طابع جماعي للتوقف، ثم هدف مهني يسعى المضربون إلى تحقيقه.
يعتبر الفصل 29 من الدستور أهم مصدر لمشروعية حق الإضراب، حيث جاء فيه: "حق الإضراب حق مضمون، ويصدر قانون تنظيمي يبين شروط وكيفية ممارسته".
 فبالرغم من عدم صدور القانون التنظيمي، فالفصل 29 من الدستور يعتبر مصدرا من مصادر مشروعية الإضراب، وإن كانت بعض الجهات حاولت أن تستدل بغياب قانون تنظيمي للطعن في مشروعية ممارسة الإضراب، فإن هذا التأويل لم يحظ بقبول جل الفقه والمنظمات النقابية، لأن عدم تنظيم حق الإضراب لا يعني تجميده.

وبالإضافة إلى ما سبق، فإن عمومية الفصل 29 من الدستور تدفع إلى القول بمشروعية حق الإضراب.
 
وعلاوة على الفصل 29 من الدستور، فمقتضيات مدونة الشغل، وخاصة المادة 32 منها، حيث تنص على أن عقد الشغل يكون متوقفا خلال مدة الإضراب، وهذا ما يؤكد ضمنيا على مشروعية حق الإضراب، حيث إن عقد الشغل يتوقف بكافة عناصره الأجر والعمل وعلاقة التبعية، دون أن يؤدي على إنهائه.  

الفرع الثاني: القيود الواردة على ممارسة حق الإضراب .
يعتبر حق الإضراب من أهم الحقوق التي تم التنصيص عليها دستوريا، ويدخل ضمن الحريات والحقوق الأساسية، إلا أنه مع ذلك فهو ليس بحق مطلق، بل ترد عليه العديد من القيود، ومن بين أهم هذه القيود قواعد القانون الجنائي وخاصة الفصل 288 والذي بمجرد استقرائه يتبين أنها تعاقب على الأفعال التي يكون ضحيتها أشخاص مجبرون على التوقف عن أداء عملهم أو الاستمرار فيه أو يتعرضون لمحاولة ذلك باستعمال الإيذاء أو العنف أو التهديد أو التدليس.
وهكذا إذا كان من حق الأجراء الإضراب ودعوة الأجراء المضربين على التوقف عن الشغل بهدف الضغط على المشغل لكي يستجيب لمطالبهم المهنية بوسائل سليمة تعتمد على الاقتناع.
 أما إذا اقتحموا على وسائل غير سليمة كالعنف أو التهديد، فإن هذه الأفعال تعبير في حكم القانون الجنائي وتجعل صاحبها بتعرض للعقوبات المنصوص عليها في الفصل 288 من القانون الجنائي.
كما أن النقاش القانوني المرتبط بحق الإضراب، يثير الكثير من الجدل والتساؤلات التي مازالت مستمرة، منذ الستينيات وإلى الآن، ويعود السبب إلى وجود عدة نصوص قانونية متناقضة في الموضوع و إصدار المجلس الأعلى أحكاما مرتبطة بممارسة حق الإضراب. ويرجع أصل الجدل حول حق الإضراب في الوظيفة العمومية إلى نص الفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 المتعلق بمباشرة الموظفين للحق النقابي والذي جاء فيه:" كل توقف عن العمل بصفة مدبرة وكل عمل جماعي أدى إلى عدم الانقياد بصفة بينة يمكن المعاقبة عليه
علاوة على الضمانات التأديبية ويعم هذا جميع الموظفين". وقد صدر هذا الظهير قبل وضع دستور 14 دجنبر 1962 . هذا الأخير الذي ينص في فصله 14 على أن حق الإضراب مضمون ، وسيتم تأكيد هذا الفصل في الدساتير اللاحقة في: 1970و1972 و 1992و 1996 والدستور الحالي لسنة 2011. في فصله 29 لهذا يؤكد غالبية الملاحظين على الفصل 14 من الدستور الصادر سنة 1962 يلغي مرسوم 5 مايو1958 الذي"يحرم"الإضراب في الوظيفة العمومية.
إلا أن هناك آراء أخرى، وإلى حدود أواسط الثمانينات، تعتبر الإضراب في الوظيفة العمومية غير قانوني، وذلك لعدم صدور قانون تنظيمي ينظمه وهو الشيء الذي لم يتم لحد الآن. وتستند تلك الآراء على تأويل للنص الفرنسي للمادة 14 من الدستور الذي جاء فيها أن حق الإضراب يضل مضمونا، ويعني هذا، في نظرهم، أنه يبقى مضمونا في القطاع الخاص. كما نجد الحكومة تعتبر دائما، الإضراب في الوظيفة العمومية غير مشروع ارتكازا على الفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير1958.

ونذكر على سبيل المثال منشور الوزير الأول رقم 5-319 بتاريخ 17 أبريل 1979 وكان ذلك بمناسبة إضرابات رجال التعليم والصحة في أبريل 1979. ويعرف النقاش القانوني والفقهي انتعاشا عند حدوث كل إضراب من جهة، و اقتطاع الإدارة من أجور الموظفين أو عزلهم من جهة ثانية بمناسبة الإضراب عن العمل.
لقد حرص الموظفون بالمغرب على ممارسة حق الإضراب في عدة مناسبات للضغط على الحكومة للاستجابة للملفات المطلبية المطروحة من طرف منظماتهم النقابية، ويجب أن نشير إلى أن ممارسة الإضراب في عدة محطات من تاريخ المغرب أدى إلى طرد العديد من الموظفين من الوظيفة العمومية؛ مثل طرد موظفي وزارة الخارجية المضربين في دجنبر 1961، وعرضت قضايا الطرد من الوظيفة العمومية على المجلس الأعلى؛ نذكر منها قضية محمد الحيحي، موظف بوزارة التربية الوطنية و الشبيبة والرياضة، وإدريس نداء موظف بوزارة البريد.
المبحث الثاني: حرية التجمعات العمومية في التنظيم السياسي المغربي.
يدخل في إطار التجمعات العمومية الاجتماعات بالطرق العمومية  و المظاهرات بالطرق العمومية إضافة إلى التجمهر ، و نظمت كل هذه الأنواع من التجمعات في ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بالتجمعات العمومية و لهذا سنتطرق في دراستنا لموضوعنا هذا إلى حرية الاجتماعات العمومية (المطلب الأول) و المظاهرات بالطرق العمومية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: حرية الاجتماعات العمومية.
تعد الاجتماعات العمومية من مظاهر حرية التعبير عن الرأي و هي حق دستوري منصوص عليه في الفصل 29 من الدستور و الاجتماعات العمومية هي كل جمع مؤقت و مدبر متاح للعموم و ذلك طبقا للفصل الأول من قانون التجمعات العمومية و تحدث عنها المشرع في الكتاب الأول من ظهير 15 نونبر 1958 حيث خصص لها الفصول من 1 إلى 10 و لهذا سنعالج في موضوعنا هذا  الإجراءات المسطرية لعقد التجمعات العمومية (الفرع الأول) و حدود ممارسة حرية الاجتماعات العمومية (الفرع الثاني).
الفرع الأول:الإجراءات المسطرية لعقد الاجتماعات العمومية.
هناك بعض الاجتماعات تحتاج لتصريح مسبق لدى السلطات الإدارية المحلية و منه يجب نهج مسطرة شكلية و ذلك بتصريح سابق لدى السلطة المختصة ( باشا أو القايد ) يوضح فيه موضوع الاجتماع و تحديد الزمن و الساعة و المكان الذي سينعقد فيه الاجتماع و ذلك طبقا لمقتضيات الفصل الثالث من ظهير 15 نونبر 1958 المتعلق بالتجمعات العمومية ، كما يجب أن يوقع ثلاثة أشخاص يقطنون بالعمالة أو الإقليم الذي سينعقد فيه الاجتماع بالإضافة إلى أسماء الموقعين و صفاتهم و عناوينهم و نسخة مصادق عليها من بطائق تعريفهم الوطنية. في المقابل تقديم هذا التصريح يتعين على السلطة المحلية أن تسلم عنه وصلا بالإيداع مختوما و مثبتا لتاريخ التصريح و ساعته.


و إذا لم يتمكن المصرحون من الحصول على وصل الإيداع يرسل التصريح إلى السلطة المحلية برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل.
على أن ينعقد الاجتماع بعد 24 ساعة من تسلم الوصل أو 48 ساعة من تاريخ توجيه الرسالة المضمونة حتى ولو لم يصدر عن السلطات الإدارية المعنية أي موقف ايجابي حيال التصريح الذي سبق لها أن توصلت به.
إلا أن هناك بعض الاجتماعات لاتحتاج إلى ترخيص مسبق لدى السلطة الإدارية المحلية مثل الاجتماعات العمومية التي تعقدها بعض الهيئات المحددة :
- الجمعيات و الهيئات المؤسسة بصفة قانونية و التي تهدف إلى غاية ثقافية أو فنية أو رياضية مثل الفرق و الاتحادات الرياضية.
-
الاجتماعات التي تعقدها الجمعيات أو المؤسسات الاسعافية أو الخيرية.
-
الأنشطة الداخلية التنظيمية أو التكوينية التي تعقدها الجمعيات أو الأحزاب السياسية بالنظر إلى كونها لا تكون عادة مفتوحة للعموم بل تقتصر على أعضاء الهيئات المذكورة و في أقصى الأحوال بعض العاطفين عنها.
في كل هذه الاجتماعات ليس هناك حاجة إلى ترخيص من السلطات الإدارية بل يتم الاكتفاء في تنظيمها بموافقة المسئولين المباشرين عن القاعات العمومية و عند الضرورة موافقة الوزارة الوصية.
و يجب أن يكون في كل اجتماع مكتب يتكون من أحد الموقعين الثلاثة على التصريح المقدم بعقد الاجتماع و مستشارين يعهد إليهما بالمحافظة على النظام العام.
إلا أن ممارسة حرية الاجتماعات العمومية لها حدود وسنتعرف على هذه الحدود من خلال دراسة حدود ممارسة حرية الاجتماعات العمومية في الفرع الثاني.
الفرع الثاني: حدود ممارسة حرية الاجتماعات العمومية.
ليس المقصود بالاجتماع العمومي إمكانية عقده في أي مكان عمومي و في أي وقت فممارسة حرية التجمعات العمومية لها حدود فلا يمكن عقد الاجتماعات العمومية في الطرق العمومية و أن تمتد إلى مابعد الساعة التي تحددها السلطة. كما تم التأكيد عليه في الفصل الرابع من قانون التجمعات العمومية ، و ذلك لتفادي تحول الاجتماع العمومي إلى تظاهرة و للحفاظ على السكينة العامة بالإضافة إلى احترام المصرحين للوقت.
يجب أن يحضر الموظف الإداري في جلسة الاجتماع و ذلك من اجل مراقبة الاجتماع فقانون التجمعات العمومية يخول للسلطات الإدارية التي تلقت التصريح أن تعين كتابة احد موظفيها لحضور الاجتماع.
كما أن الفصل السابع من قانون التجمعات العمومية منح الموظف الإداري الذي يحضر الاجتماع الحق في فض الاجتماع إذا طلب منه المكتب ذلك أو إذا وقعت اصطدام أو أعمال عنف أو إذا كان سير الاجتماع يخل بالأمن العمومي.
كما أن التعديل الذي خضع له قانون التجمعات العمومية سنة 2002 ألزم الموظف المعين لحضور الاجتماع بالإدلاء بنسخة من قرار تكليفه إلى رئيس المكتب

كما منع قانون التجمعات العمومية كل شخص يحمل أسلحة من دخول الاجتماع و إقرار الرقابة خارج مكان الاجتماع.
في حالة مخالفة مقتضيات الكتاب الأول من ظهير 15 نونبر 1958 فرض المشرع عقوبات على كل انتهاك لها,و تتمثل في غرامات مالية تتراوح ما بين 1200 درهم و 5000 درهم . و في حالة العود السجن من شهر إلى شهرين و غرامة مابين 2000   و 5000 درهم فقط، وذلك بصرف النظر عن العقوبات التي يمنك تطبيقھا بخصوص الجرائم أوالجنح المرتكبة خلال هذه الاجتماعات كما تم التأكيد على ذلك في الفصل التاسع من قانون التجمعات العمومية. و هي عقوبات تبدو نسبيا مخففة مقارنة بالقانون السابق فقد خفف تعديل 2002 من هذه العقوبات التي كانت تتراوح في القانون السابق في الغرامة مابين 2000 و 5000 درهم ، و الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين.

المطلب الثاني: المظاهرات بالطرق العمومية.
لم يعرف قانون التجمعات العمومية المظاهرات بشكل واضح رغم أنه نظم قانون المظاهرات بالطرق العمومية في الكتاب الثاني من قانون التجمعات العمومية في الفصول من 11 إلى 16 ، و لهذا يجب لإشارة إلى أهم الإجراءات المسطرية لممارسة حرية المظاهرات بالطرق العمومية  (الفرع الأول) و حدود ممارسة هذه الحرية بالطرق العمومية (الفرع الثاني).
الفرع الأول: الإجراءات المسطرية لممارسة حرية المظاهرات بالطرق العمومية.
تجدر الإشارة أولا الى أن المظاهرات بالطرق العمومية تشمل المواكب و الاستعراضات و كل تجمعات الأفراد في الطرق و الأماكن العمومية لتعبير عن موقف أو رأي. كما أن المشرع حدد شروط و الإجراءات المسطرية لقيام المظاهرات بالطرق العمومية و تتحدد هذه الشروط و الإجراءات في :
إيداع تصريح مسبق لدى السلطة الإدارية المحلية و ذلك طبقا للفصل 11 من قانون التجمعات العمومية ، و يجب أن يسلم هذا التصريح إلى السلطة الإدارية المحلية ( القايد أو الباشا ) في ظرف ثلاثة أيام كاملة على الأقل   و خمسة عشر يوم على الأكثر قبل تنظيم المظاهرة. و يتضمن هذا التصريح الأسماء الشخصية و العائلية للمنظمين و جنسيتهم و محل سكناهم و أرقام بطاقتهم الوطنية ، و يوقع عليه ثلاثة أفراد منه يكون محل سكناهم في العمالة أو الإقليم الذي تجري فيه التظاهرة ، كما يبين فيه الغاية من التظاهرة و المكان و التاريخ و الساعة المقررة لتجمع الهيئات المدعوة للمشاركة فيها و كدا الطريق المحدد لمرور المتظاهرين و لقاء هذا التصريح تسلم السلطة في الحال وصلا مختوما بإيداع التصريح ، كما تم التأكيد عليه في الفصل الثاني عشر من قانون التجمعات العمومية. وسنتعرف على محدودية ممارسة حق القيام بالمظاهرات من خلال دراسة حدود ممارسة حرية المظاهرات بالطرق العمومية في الفرع الثاني.
الفرع الثاني: حدود ممارسة حرية المظاهرات بالطرق العمومية.
إن التعديل الذي أدخل على قانون التجمعات العمومية سنة 2002 لايسمح إلا للأحزاب السياسية ، و المنظمات النقابية ، و الهيئات المهنية ، و الجمعيات المؤسسة بصفة قانونية بطلب تنظيم المظاهرات

بالطرق العمومية ، و ذلك طبقا لمقتضيات الفصل 11 من قانون التجمعات العمومية منا نجد تقليص من حرية المظاهرات بالطرق العمومية بالمقارنة مع النص القديم الذي كان يسمح لمجموعة من الأشخاص بتنظيم المظاهرات. كما منح الفصل 13 من قانون لتجمعات العمومية الإدارة استخدام حق المنع في مواجهة المطالبين بتنظيم المظاهرة ، و ذلك إذا ارتأت أن من شن المظاهرة إخلال بالنظام العام ، و لذلك فالتصريح بالمظاهرة وحده لايكفي للقيام بها مادام أن بإمكان السلطات العامة أن تمنعها. هذا المنع وان كان القانون قد أصبح يفرض أن يكون مكتوبا ، و يبلغ لطالبي تنظيم المظاهرة في محل سكناهم إلا أنه لا يلزم السلطات العمومية المعنية بتعليل و تبرير قرارها كما أنها لا تحدد وقت معين لتبليغ قرار المنع
و حدد قانون التجمعات العمومية في الفصول 14 و 15 و 16 العقوبات الواجبة في حالة الإخلال بمقتضيات هذا القانون و تتحدد هذه العقوبات في ثلاثة أنواع من المخالفات :
تمثل الأولى في التصريح الغير الصريح أو الناقص الذي يغالط أحوال المظاهرة ، أما الثانية فتتجلى في تنظيم مظاهرة ممنوعة أو غير مصرح بها أو توجيه الاستدعاء للمشاركة فيها و تتحدد العقوبة في هذين النوعين من المخالفات في الحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من 1200 إلى 5000 درهم ، أما النوع الأخير من هذه المخالفات فيتحدد في حمل الأسلحة أو الأدوات الخطيرة على الأمن من خلال التظاهرات غير ممنوعة و حدد المشرع العقوبة في هذه الحالة بالغرامة من 2000 إلى 1000 درهم و الحبس بين شهر و ستة أشهر.

خاتمة :

من خلال ماسبق يمكن القول بأن منذ حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956 باتت الحريات السياسية في المغرب تعرف تنظيمات خاصة خاصة بعد صدور ظهير 1957 المتعلق بالحريات النقابية  و صدور ظهير 1958 الخاص بالتجمعات العمومية ، كما أن الفصل 14 من أول دستور للمملكة سنة 1962 منح حق الإضراب و أشار إلى إصدار قانون تنظيمي خاص به لكن لحد الآن لم يعرف هذا القانون التنظيمي طريقه إلى النور.












مراجع باللغة العربية :


ü     د.عبد الواحد القريشي,"اضاءات حول ممارسة الحريات العامة بالمغرب" ,الطبعة
الأولى ,مطبعة النجاح الجديدة, الدار البيضاء,2010,ص92-96,57-59.
ü     د.عمر بندورو,"حقوق الإنسان و الحريات الأساسية ",دار القلم , الرباط , طبعة 2007, ص :175-180.
ü     د.مختار مطيع "مختصر في القانون العام" ,الطبعة الأولى ,مطبعة دار السلام,الرباط,2013,ص :151-152.
ü     د. مليكة الصروخ : "النظام القانوني للموظف العمومي المغربي"، الطبعة الأولى ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ، 1994 .
ü     د.عبد القادر بايـنة : "الموظفون العموميون في المغرب"،الدار البيضاء،دار توبقال للنشر، الدار البيضاء، 2002 .
ü     محمد الشرقاني ",مدى مشروعية الإضراب العمالي",رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص،جامعة محمد الخامس،كلية الحقوق،السنة الجامعية 1990/1991.
ü     دستور المملكة المغربية لسنة 2011, الفصول 8-25-29.
ü     دستور المملكة المغربية لسنة 1962 و1970و1972 و 1992 و 1996  ,الفصل 14.
ü     مدونة الشغل , المادة 32 ,396, 398.
ü     القانون الجنائي,الفصل 288.
ü     ظهير شريف  رقم 1.57.199,الصادر في 18 ذوالحجة 1376 الموافق 16 يوليوز 1957 المتعلق بالنقابات المهنية
ü     ظهير شريف رقم 1.58.377,الصادر في 15 نونبر 1958 و المعدل بمقتضى ظهير رقم 1.02.200الصادر في 23يوليوز 2002 المنظم لتجمعات العمومية.



ü     ظهير شريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام     الأساسي العام للوظيفة العمومية في المغرب .
ü      المرسوم رقم 2.57.1465 الصادر في 15 رجب 1377 موافق 05 فبراير 1958، المتعلق بممارسة الحق النقابي من طرف الموظفين الفصل,5.
ü     مشروع قانون الإضراب.
ü     إدريس المشترائي، "حق الإضراب و الاقتطاع من الأجر"، جريدة الصباح ، عدد:2762,بتاريخ: 26/02/2006 .
ü     د.أحمد البوز,"محاضرات الحريات العامة",النظام القانوني للتجمعات العمومية,السداسي الرابع,2014,كلية الحقوق السويسي,ص :1-10.
ü     د.رشيد بنعياش, "محاضرات في مناهج العلوم القانونية و الاجتماعية", السداسي الأول,2014,كلية الحقوق السويسي.



مراجع باللغة الفرنسية :

ü Gérard Lyon –Gaen, Jean Pélissier, Alain Sopoit : Droit du travail, 17édition, Dalloz 1994.

.
مراجع عبر الانترنيت :