مقدمة :
إن مصطلح حقوق الذي نتعامل معه مصطلح دولي تم تحديد ملامحه في المجتمع
الدولي وبالتحديد داخل هيئة الأمم المتحدة كرد فعل على النتائج المدمرة للحرب
العالمية الثانية. وهذا المصطلح لم يشكل مفهوما جديد في تاريخ البشرية ولكنه أخذ
أشكالا عديدة في السابق، وكان نتاج نشاط بشري يحاول الإجابة على سؤال الظلم
والمعاناة والقهر، ورفض أنماط النشاط البشري التي أنتجت هذه المعاناة فالعبودية
والتسلط والحروب المدمرة واستغلال الأطفال والعمال والمذابح الجماعية والتمييز بين
البشر على أساس العرق والتعذيب والفقر كلها أحداث قديمة، وأيضا العمل لإيقاف هذا
الظلم هو نشاط بشري قديم.
ومعنى حقوق الإنسان ببساطة يشير إلى الحقوق التي يُعتقد أن كل البشر
ينبغي أن يتمتعوا بها لكونهم بشر، وينطبق عليهم الشرط الإنساني. أي أن هذه الحقوق
ليست منحة من أحد, ولا يؤذن فيها من الدولة. وهذه الأخيرة لا تمنحها ولا تمنعها.
فبينما قد تختلف الأنظمة القانونية من دولة إلى أخرى, فإن الحقوق المرصودة
والمقررة للإنسان هي استحقاقات لا لبس ولا غموض حولها في القانون الدولي، أي أن كل
دولة مطالبة بأن تكيف أنظمتها القانونية بحيث تستوعب, وتعكس, وتطبق, وتحترم مواد
القانون الدولي الخاصة بحقوق الإنسان.
ولعل حقوق الإنسان كتعبير لم يتم استخدامه إلا في وقت قريب حيث كان
تداول "الحقوق" دون ربطها بالإنسان، ولكن حقوق الإنسان هي نتائج
الانتماء إلى الجنس البشري، ومرتبطة بطبيعة الجنس البشري فهي الحقوق المتأصلة في
الإنسان لكونه إنسان.
وتعود مبادئ حقوق الإنسان إلى الوراء كثيراً، فهي ليست وليدة الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، فهي قديمة قدم الإنسان نفسه، كالحق في الحياة،
حيث نشأ هذا الحق مع وجود الإنسان على هذه الأرض.
حيث نجد جذورها الأولى في الثقافات القديمة للشعوب، متمثلة بالتراث
الأخلاقي والديني لهذه الشعوب، حيث تعتبر الديانات السماوية أهم مصدر من مصادر هذه
الحقوق. فالشريعة الإسلامية ( منذ أكثر من 14 قرن ) وضعت نظاماً دقيقاً لحقوق
الإنسان، سواء بصفته فرداً، كحقه في الحياة، والحرية الدينية وغير ذلك. أو في
علاقته مع الدولة حيث نظمت علاقة الفرد المسلم بالدولة، كما نظمت علاقة غير
المسلمين بالدولة الإسلامية ممن يكونون من مواطنيها ( الذميين ).
هذا النظام المتكامل الذي وضعه الإسلام واجب التنفيذ استناداً إلى الوازع
الديني والأخلاقي لدى الفرد، وأيضاً وجود أولي الأمر اللذين يسهرون على تنفيذه.
ثم نجد أيضاً هذه الحقوق في الإعلانات الوطنية لحقوق الإنسان وكذلك في
دساتير بعض الدول. لكن لم ترتقي هذه الحقوق وتأخذ طابعا قانونيا دوليا. يلقي على
عاتق الدول، أعضاء المجتمع الدولي التزامات، ويحملها المسؤولية الدولية عند خرق
هذه الالتزامات، إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وخصوصاً بعد إنشاء هيئة الأمم
المتحدة ’ وبعد هذا التقديم يمكن طرح
الإشكالية التالية :

وهذا ما سوف نجيب عنه في المبحثين التاليين :
المبحث الأول: الدساتير الدولية المكرسة للحقوق الإنسان وبعض التصريحات
الإقليمية
تعتبر الدساتير الدولية الوثائق التي ترسخ
لمبدأ الحريات والحقوق باعتباره ذلك المنطلق الذي يكرس حقوق الإنسان وذلك مرورا بعدة مراحل أو وقفات كانت تندد
لتوثيق الحقوق الأساسية مثل الثورة الفرنسية والوثائق الإنجليزية كالعهد
الأعظم البريطاني الذي تلته مجموعة من
الوثائق الأمريكية كدستور فرجينيا ’ وبعد ذلك مجموعة من الاتفاقيات الدولية
الإقليمية التي تسعى لتكريس حقوق الإنسان .
المطلب الأول:أهم الوثائق
الدستورية الدولية
لقد تميزت هذه الوثائق بطابعها الحقوقي الذي
جاء بصيغة عالمية لحماية الحقوق الأساسية للإنسان ’ كمثال الثورة الإنجليزية التي
جاءت مناهضة للحكم الاستبدادي المطلق الذي يتجسد في الملك لويس السادس عشر ’ وكذلك
الوثائق والإعلانات الأمريكية التي تعد المرجعية الأساسية في مجال الحقوق والحريات
الأساسية ’ أما التجربة الفرنسية في مجالات إعلان الحقوق تعد من التجارب الأكثر
تراء ’ ذلك أن مفهوم حقوق الإنسان تبلور في فترة تاريخية ارتبطت في ظهورها بالثورة
الفرنسية .
الفرع الأول: الحقوق والحريات في الوثائق الإنجليزية
لقد ظهرت أثار هذه الأفكار في انجلترا يسود
هناك الديمقراطية سياسية وتعيش في ظل دستور غير مكتوب ’ لكنه دستور مرن فقد صدرت
في تاريخ هذا الدستور ’ وثائق دستورية ’ وإعلانات تتضمن حقوق الإنسان ومن أهم هذه
الوثائق العهد الأعظم سنة 1215 magna carta حيث وقع الملك جون على هذا العهد خضوعا لثورة
الشعب والإكليروس ’ الذي ثار على الظلم والطغيان ’ فقد نص هذا العهد على الحقوق
الأساسية وحمايتها ’ وقرر عدم حبس إنسان بلا محاكمة ’ كما أقر نظام المحلفين ’
وأعطى البرلمان سلطة على المال ’ وقد اتخذت الأمة هذه العناصر والحقوق فيما بعد
سلاحا لمقاومة الاستبداد ’ وبدل الملكية المطلقة إلى ملكية دستورية مقيدة .
وفي سنة 1628 صدر ملتمس الحقوق petition of right ومن أهم ما جاء في هذا الملتمس ’ أنه لا يسجن
أي شخص إلا بتهمة حقيقة محددة ولا تعلن الأحكام العرفية وقت السلم.
وفي فبراير عام 1688 أقر مجلس البرلمان إعلان
الحقوق ومن أهم ما ورد فيه هو أنه ليس للملك سلطة إيقاف القوانين ‘ كما أنه ليس له
سلطة الإعفاء من تطبيقها ’ وليس له فرض الضـرائب من غـير مـوافقة الـبرلمان ...
وكان لهذه الوثائق التي صدرت أهمية كبرى ’
حيث اعترف الملوك بالحقوق الأساسية للشعب ’ كما اعترفوا بالديمقراطية البرلمانية ’
وكذلك فإن لسيادة القانون أثرا على هذه الحقوق ’ كما أرست قواعد المساواة والحرية.
الفرع الثاني: وثائق الحقوق
والحريات الأمريكية
ظهرت في أمريكا إعلانات حقوق الإنسان ’
وبخصوص هذه الإعلانات ’ نرى أنه من الضروري الإشارة إلى أن المستعمرات البريطانية
في شمال أمريكا وكان عددها 13 مستعمرة قامت بثورة على الحكم الإنجليزي ونادت
باستقلالها ’ فأصدرت كل منها دستورا داخليا ’ يحتوي على مقدمة على شكل إعلان
للحقوق الإنسان ’ كما أنه عندما تأسست الولايات المتحدة اتخذت لها دستورا مع إعلان
للحقوق الإنسان . ويلاحظ أن هذه الإعلانات الأمريكية تأثرت بعناصر ثلاثة:
الدين المسيحي والعنصر السياسي في التجربة
السياسية الإنجليزية ’ وكذلك بفلسفة القرن الثامن عشر ة وبصفة عامة فإن الإعلانات
الأمريكية تتميز بجانبها الواقعي ’ فهي تعبر عن الواقع الأمريكي ولا تسعى إلى
التعبير عن فكرة فلسفة عالمية ’ ففي تصريح الاستقلال نلاحظ الفقرة التالية :
( يولد جميع الناس أحرارا وقد وهبهم الله
حقوقا لا يعقل أن يتخلوا عنها ’ ومن بين هذه الحقوق الحياة والحرية والبحث عن
السعادة ويجب على الحكومات القائمة ’ أن تعمل على ضمان هذه الحقوق). وبجانب إعلان
الاستقلال ’ هناك الإعلانات الخاصة بكل ولاية من الولايات ال13 التي أعلـنت حـقوق
الإنسـان فـي دسـاتيـرها .
![]() |
ـ 1 ـ ميشال الغريب , مرجع سابق ’ ص163
ـ 2 ـ محمد سعيد المجذوب , مرجع سابق ,
ص94
الفرع الثالث:وثائق الحقوق
والحريات الفرنسية
ساهمت في ظهور الإعلانات الفرنسية للحقوق ’
كمثيلاتها السابقة التي درسناها ’ عدة عوامل داخلية متداخلة كانت تعيشها فرنسا قبل
1789 كالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المزرية حيث كان النظام السياسي
الفرنسي قائما على أساس الشرعية الإلهية الذي يستمد الملك بمقتضاها سلطته من الرب
أي أنه كان قائما على أساس الملكية المطلقة ’ كما أن مبدأ عدم المساواة بين مختلف
الفئات الاجتماعية في فرنسا وغياب الحرية والعدالة من السمات التي كانت سائدة في
ذلك العصر ’ لذلك فالثورة الفرنسية جاءت من أجل استبدال المشروعية الديمقراطية
والاعتراف للمواطنين بحقوق وحريات وتبني كذلك مبدأ فصل السلطات إلى حد أن هذه
العناصر ( الحريات وفصل السلطات ) أصبحت أساسا لكل نظام ديمقراطي ولكل دستور ومن
بين هذه الإعلانات :
1ـ إعلان حقوق الإنسان
والمواطن 1789
ويميز هذا بين حقوق الإنسان وحقوق المواطن :
أـ حقوق
الإنسان :
هي الحقوق التي تلازم الإنسان مند ولادته ولا
يمكن له التنازل عنها ’ فهي حقوق سبقت نشأة الدولة مما يحتم على هذه الأخيرة
احترامها لأنها تفرض عليها.
ومن ضمن هذه الحقوق :
ـ الحرية { الناس يولدون أحرارا متساوين في
الحقوق } هناك كذلك الحرية الشخصية
ـ لا يمكن للقانون أن ينص إلا على العقوبات
الضرورية
ـ عدم اعتقال أي شخص أو حرمانه من حريته إلا
بمقتضى القانون
ـ يعتبر كل شخص بريئا إلى أن تثب إدانته
ـ حرية الرأي والتعبير
ـ الحرية الدينية
ـ عدم رجعية القانون الجنائي
ـ حق الملكية
ـ الشعب كمصدر للسلطة وضرورة مكافحة الظلم
ب ـ حقوق المواطن :
وهي تلك الحقوق الضرورية التي تدفع المواطن
لممارسة حقوقه باعتباره مواطنا وعضوا في المجتمع السياسي ’ ولا يمكن ضمان حقوق
الإنسان إلا باعتراف بحقوق المواطن ’ لأن هذه الحقوق تمكن الفرد من المشاركة في
الحياة العامة داخل المجتمع.
ومن هذه الحقوق نجد :
ـ حق الانتخاب
ـ حق المشاركة في إعداد القانون
ـ حق جميع المواطنين في تقلد الوظائف
العمومية
ـ واجب أداء الضرائب والحق في مراقبة إنفاقها
واستعمالها ...
هذا ونلاحظ أن الإعلان الفرنسي اهتم أساسا
بالحقوق الفردية دون الحقوق الجماعية ’ جاعلا من عدم تدخل الدولة الهدف الرئيسي
لحماية حقوق الأفراد.
2 ـ الحقوق الاجتماعية
والاقتصادية
لقد أكدت الثورة الفرنسية ’ كما أشرنا إلى
ذلك سابقا ’ على الحريات والحقوق الفردية وعلى امتناع الدولة في التدخل باعتباره
الضمانة الأساسية لممارسة هذه الحريات ( الدولة المحايدة ) ولكن أثار الثورة
الصناعية والبؤس الذي عم الفئات العمالية أدى بالدولة ابتداء من 1848 ( ديباجة
دستور 1848 ) إلى ضرورة تغيير سياستها وذلك بجعل تدخلها أداة لضمان توزيع عادل
للأعباء والمنافع والفوائد العامة وتحسين الشروط الاجتماعية للأفراد.
ومما تجب الإشارة إليه أن دستور 1791 أولى
اهتماما خاصا بالمجال الاجتماعي للمواطنين بإحداث مؤسسة المساعدات العامة من أجل
تربية الأطفال المهملين والاعتناء بالفقراء والمكفوفين وتوفير العمل للعاطلين
القادرين على الشغل. كما نصت على إعداد
تعليم عام ومجاني لجميع الأفراد ( دستور 3 دجنبر 1791 ) .
غير أن ديباجة دستور 1848 أكدت على حقوق
جديدة لم يسبق النص عليها باعتبارها واجبات على عاتق الدول ( كحق العمل ’ وإعطاء
المساعدات اللازمة للأشخاص غير قادرين على العمل ’ وحماية الأفراد جسديا وحماية
ممتلكاتهم ’ بالإضافة إلى حقوق تم الاعتراف بها أو التأكيد عليها ’ كحق التعليم ’
وحق الثقافة )
وليس فقط الديباجة بل الدستور كذلك عمل على
تحديد بعض الحقوق المعلن عنها في المادة ( 13 )...
3ـ الاعتراف بالحريات الجماعية
لقد
أهملت الثورة الفرنسية الحريات الجماعية وعملت على محاربة البعض منها كما هو الحال
بالنسبة لحرية تأسيس الجمعيات التي كانت تعتبر عملا خطيرا من شأنه أن يؤدي إلى
تكوين مؤسسات وسيطة قد تهدد حريات الأفراد والصالح العام.
لهذه الأسباب تم منعها بما يسمى بقانون ( لو
شابوليي ) ل14ـ17 يونيو 1791 .
ولكن ابتداء من 1848 ’ سيتم الاعتراف بحرية
الجمعيات والتأكيد على حرية التجمع السلمي وتقديم العرائض والملتمسات وحرية
الصحافة ومنع الرقابة عليها.
وقد
تأثر عدد مهم من الدول بالإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن وأصدرت دساتير
تعلن أهم الحريات السابقة ذكرها كبلجيكا ( دستور 1831 ) أو أمريكا اللاتينية ’
سويسرا ( دستور 1848 ) ’ النمسا ( دستور 1857 ) وإسبانيا ( دستور 1876 ).
![]() |
ـ دستور3 شتنبر 1791 , انظر : M. Duverger
constitutions et documents
المطلب الثاني: الاتفاقيات
الدولية الإقليمية
تعتبر الاتفاقيات الدولية الإقليمية الوثائق
الأكثر دلالة و تجسيد الحقوق الإنسان ’ بحيث تعطي طابعا خاصا ومميزا لكل فئات
المجتمع ’ وهذا ما سنتطرق إليه عبر أهم الاتفاقيات:
الفرع الأول: الاتفاقيات
الأوربية للحقوق الإنسان
وقعت الاتفاقية
الأوروبية لحقوق الإنسان من قبل الدول الأعضاء في مجلس أوروبا سنة 1950 في مدينة
روما ’ ودخلت حيز التنفيذ سنة 1953.
أما فكرة وضع هذه الاتفاقية فتعود إلى الحركة
الأوروبية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية والهادفة إلى العمل على
تحقيق الوحدة الأوروبية . وهي تنبع
بخطوطها الرئيسية من الأهداف العامة التي كان مجلس أوروبا ـ الذي أنشئ في سنة 1949
ـ قد حددها في ميثاق كخطوط عامة مشتركة اتفقت عليها الدول المنضمة إليه والتزمت
بتنفيذها. ومن أهداف السعي لتحقيق أكبر قدر من الوحدة بين أعضائه عن طريق عقد
الاتفاقيات ورسم الخطط المشتركة في مختلف الميادين ’ وبحماية وتطوير حقوق الإنسان
وحرياته الأساسية.
وتشير الاتفاقية في مقدمتها إلى أن حكومات
الدول الأوروبية التي تتماثل في التفكير ’ وذات ميراث مشترك من التقاليد السياسية
والمثل العليا ’ والحرية وسيادة القانون... قررت أن تتخذ الخطوات الأولى للتنفيذ
الجماعي لحقوق معينة مقررة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتتميز الاتفاقية الأوروبية بكونها اقتصرت ـ
بصفة أولى ـ على الحقوق والحريات الفردية الأساسية ’ وذلك لاجتماع الآراء حول
تبنيها وتسهيل تنفيذها عمليا ضمن كل الدول الموقعة.
وأهم الحريات المضمونة في الاتفاقية ’ الحق
في الحياة والسلامة الشخصية وعدم التعذيب ( المواد من 1 ـ 3 ) تحريم الاستعباد والعمل
الجبري (المادة 4 ) الحق في الحرية والأمان ( المادة 5 ) حق التقاضي والمحاكمة ( المواد 6 ـ 7 ) وحرمة
الحياة الخاصة بما فيها المنزل والمراسلات ( المادة 8 ).
حرية الفكر والدين و العقيدة وحرية الرأي
والاجتماع ( المواد 9 ـ 11 ) أما السمة الثانية التي تميز الاتفاقية الأوروبية.
فهي إنشاء أجهزة لتحقيق رقابة فعالة لاحترام الحقوق والحريات المشار إليها وهذه
الأجهزة هي:
ـ اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان
ـ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان
ـ لجنة الوزراء بمجلس أوروبا
ـ الجهاز المساعد الإضافي الأمن العام للمجلس
الأوروبي
![]() |
ـ ذ.
مصطفى العوجي ’ حقوق الإنسان في الدعوى الجزائرية
ـ محمد سعيد المجذوب , مرجع سابق , ص106
الفرع الثاني: الاتفاقية
الأمريكية لحقوق الإنسان
جاءت على غرار الاتفاقية الأوروبية لحقوق
الإنسان ’ إذ عمدت منظمة الدول الأمريكية إلى عقد اتفاقية لحقوق الإنسان في سان
جوزيه عاصمة كوستاريكا في سنة 1969 ودخلت حيز التنفيذ في 1978.
تتألف الاتفاقية من مقدمة و82 مادة ’ وقد جاء
في مقدمتها { إن الدول
الأمريكية الموقعة على هذه الاتفاقية إذ تؤكد
من جديد عزمها على أن تعزز ’ في القارة وفي إطار المؤسسات الديمقراطية ’ نظاما من
الحرية الشخصية ’ والعدالة الاجتماعية مبنيا على احترام حقوق الإنسان.
وتنص المادة الأولى أن تتعهد الدول الأطراف
في الاتفاقية بأن تحترم الحقوق والحريات المعترف بها في هذه الاتفاقية وبأن تضمن
لكل الأشخاص الخاضعين لولايتها القانونية الممارسة الحرة لتلك الحقوق والحريات دون
تمييز بسبب الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة
أو الدين... أو أي وضع آخر.
ومن
هذه الحقوق الحق في الحياة ’ منع التعذيب ’ منع الرق والعبودية ’ الحق في الشخصية
القانونية والمعاملة الإنسانية ’ الحرية الشخصية ’ المحاكمة العادلة ’ حق الملكية
الخاصة ’ حرية الفكر والتعبير ’ حرية الضمير والدين ’ حرية التنقل ’ حرمة الحياة
القضائية وحرية التجمع والاجتماع. أما من حيث تطبيق الاتفاقية واحترام بنودها ’
فقد أنشأت الاتفاقية أجهزة حماية النظر في القضايا المتعلقة بتنفيذ تعهدات الدول
الأطراف في الاتفاقية وهي : { 1ـ اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان 2ـ المحكمة
الأمريكية للحقوق الإنسان}.
الفرع الثالث: الميثاق العربي للحقوق
الإنسان
عقد هذا الميثاق في بيروت في عام 1968 أول
ندوة لحقوق الإنسان ’ كما أن المجلس الجامعة العربية كان قد اتخذ في دورته العادية
الخمسين قراره رقم 2443 بتاريخ 3 ـ 9 ـ 1968 بإنشاء لجنة عربية دائمة لحقوق
الإنسان ’ وبالفعل أنشئت هذه اللجنة وعقدت عدة اجتماعات وأسفرت هذه الاجتماعات عن
إصدار عدة توصيات عرضت على مجلس الجامعة العربية . وجميع هذه التوصيات تعالج
انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان وما تقوم به من أعمال ضد السكان العرب في المناطق
المحتلة منتهكة بذلك المواثيق الدولية التي تتعلق بالحقوق الأساسية للإنسان ’ كما
أن هذه اللجنة عقدت بتاريخ 24 ـ 5 ـ 1982 اجتماعا في مقر الأمانة العامة لجامعة
الدول العربية في تونس وذلك للإقرار ميثاق عربي للحقوق الإنسان ’ وقد أقرت اللجنة
عدة مواد من الميثاق ’ واستأنفت أعمالها في نونبر1982 وأقرت ما تبقى من مواد
وسيعرض ميثاق على مجلس وزراء الخارجية العرب لإقراره ’ في فترة لاحقة .
Ø
المبحث الثاني: الإعلانات الدولية للحقوق
الإنسان
تعد إعلانات حقوق الإنسان تلك المعاهدات
الدولية التي تتضمن أحكاما لتعزيز أو حماية حق واحد أو أكثر من حقوق لإنسان
والحريات الأساسية وعادة ما تسمى هذه الإعلانات بالاتفاقيات أو المعاهدات.
المطلب الأول:إعلانات حقوق
الإنسان الدولية العامة
لقد أصبح
موضوع حقوق الإنسان يحضى باهتمام كبير ومتزايد في المحافل الدولية وأصبح برأي المجتمع هذا الموضوع المحور الأساسي الذي
تدور حوله العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية ’ويجمع
الكثير من القوانين على أن هذا التوجه أمتله المجتمع الدولي بالحسرة عما فاته من
تصرفات نكلت بكرامة الكائن الـبشـري وسمحت بانتهاك جميع القيم التي تضمنتها
الإنسانية ’ وهو ما اضـطر المجتمع الدولي في الأخير بالاعتراف بأخطائه تجاه أدمية
الإنسان وإقرار منهج جديد يرتكز نوعا ما عـلى
تأمـين حـقوق الإنـسان بوسائـل أكـثر فاعلية .
ولقد كانت
استجابة المجتمع الدولي واضحة المعالم من حيث إقـــــرار منظومة قانونية حقوقية
ترجمت على أرض الواقع على شكل اتفاقيـات دولية كانت ترمي في مجملها إلى توسيع
آليات الحماية الدولي للحقوق الإنسان بوسائل أكثر فاعلية تشكل في أصل السند
القانوني المتكامل من خلاله يتعزز الاعتراف بآدمية وقدسية الكائن البشري’ وقد
أبرمت العديد من الاتفاقيات الدعية إلى تكريس حماية حقوق الإنسان بداية من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان وصولا إلـى العهـد الدولـي الحقـوق المـدنية السياسية و العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية .

1ـ سعيد
سالم الجويليي , المدخل لدراسة القانون
الدولي الإنساني المرجع السابق ,154
الفرع الأول: الإعلان العالمي
للحقوق الإنسان
ويعتبر الإعلان العالمي للحقوق الإنسان من أكثر
الإعلانات شهرة وأكثرها إثارة للجدل وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ’
وهناك شبه بين الإعلان وإعلانات الحقوق الداخلية كالإعلان الفرنسي الصادر سنة 1789
’ وإعلان الحقوق والاستقلال الأمريكي لسنة 1776 ويعتبر أول إعلان دولي لحقوق
الإنسان اتصف بالشمولية إلى حد ما.
وإذا نظرنا
إلى وثيقة إعلان لحقوق الإنسان ’ نجدها تحمل دلالات قطعية وصريحة في ديباجتها تؤكد
على ضرورة الاعتراف بكرامة الكائن البشري ودعت إلى تفعيل حمايتها .
ويقول
الإعلان العالمي للحقوق الإنسان في أول سطر من ديباجته ( لما كان الاعتراف بما
لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم ومن حقوق متساوية وثابتة يشكل
أساس الحـرية والعـدل والــسلام العالــمي ).
إن الإعلان
العالمي للحقوق الإنسان يبرز أهمية حقوق الإنسان السياسية والمدنية والاقتصادية
والثقافية والاجتماعية ’ إلى درجة أنه كفل للمنظمات الدولية الحق في القيام
بالتحقيقات في مسائل الظلم ولاستبداد التي قد يتعرض لها الإنسان في مناطق عدة بما
يخالف نصوص الإعلان العالمي للحقوق الإنسان.
ويعتبر
الإعلان الوثيقة التاريخية التي أحدثت ثورة في مجال آليات حماية حقوق الإنسان
بالرغم من القصور الذي شابه في بعض أحكامه
’ وشكل في بعده فلسفة فعلية من شأنها صيانة حقوق الإنسان صيانتها من كل أوجه الانتهاكات ’ وقد حصل الإعلان على موافقة شبه
جماعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ’ وجاء الإعلان في مقدمة وثلاثين مادة’
ويقوم الإعلان على مبادئ أساسية هي الحرية والمساواة وعدم التمييز وتشمل المواد من
3 إلى 22 جميع الحريات التقليدية الفردية والجماعية ’ أما الحقوق والاقتصادية
والاجتماعية والثقافية فقد وردت في المواد من 22 إلى 27 ’ أما المادة 22 من
الإعلان فقد مهدت لهذه المجموعة الحقوق
التي تعتبر كل فرد من المجتمع صالحا للتمتع بهذه الحقوق وأن هذه الحقوق سوف تتوفر
للفرد من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي .
ومما لا شك
في عملية تقييم النصوص التي تضمنها الإعلان ’ أنه تضمن نصوص عامة تشمل الدول
جميعها فأصبحت من القواعد العامة في القوانين الدولية ’ كما طلب من الدول أن تعمل
على تطبيقها ’ وقد أضفت عملية التصديق على الإعلان من طرف جميع دول العالم والصفة
العالمية للحقوق الإنسان .

1 ـ من
المادة 3 ـ 27 من الإعلان العالمي للحقوق الإنسان
الفرع الثاني:اتفاقيات حقوق
الإنسان
لقد حرص واضعو الإعلان العالمي للحقوق الإنسان على أن يلحق إصدار الإعلان
إقرار اتفاقيات ملزمة تتضمن تنظيما ومعالجة للحقوق والحريات وهو ما أفضى سنة 1966
إلى إقرار العهدين الدوليين للحقوق الإنسان ’ الأول خاص بالحقوق المدنية والسياسية
والتاني بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
أ ـ الاتفاقية الدولية للحقوق
المدنية والسياسية
تعتبر
الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المصدر القانوني والرسمي للحقوق اعتمدته الجمعية العامة في 16ـ12ـ1966
وأقرته بأغلبية 106 وبدون معارضة ودخل حيز
النفاد 23ـ03ـ1976 وتضمن العهد ديباجة وخمسة أجزاء.
وقد تضمن
القسم الأول المادة الأولى من الاتفاقية إلى استناد الاتفاقية إلا حق تقرير المصير
أما القسم الثاني فقد نص من المواد 2ـ5 على تعهد الأطراف باحترام وتأمين الحقوق
المقررة في هذه الاتفاقية دون تمييز ’ أما القسم الثالث من المواد 6ـ20 فقد نص على
الحق في الحياة ’ والحق في حرية التنقل ’ والحق في المساواة أمام القضاء ’ والحق
في محاكمة عادلة ’ والحق في الحرية والسلامة الشخصية ’ والحق في حرية الفكر
والتعبير
والديانة ’ والحق في حماية الأسرة والطفولة ’ والحق في الزواج إلى جانب منع
الممارسات القمعية ضد الإنسان كمنع التعذيب ’ ومنع الاسترقاق ’ ومنع الاستخدام
والإكراه ’ أما الحقوق السياسية طبقا للمواد من21ـ27 فهي الحق في التجمع السلمي ’
والحق في تشكيل نقابات ’ والحق في الانتخابات ’ والحق في الاستفادة من الخدمة
العامة ’ وحق المشاركة في الحياة العامة للدولة ’ أما القسم الخامس فقد خصص بحسب
المواد 28ـ47 للأجهزة المتخصصة في متابعة تنفيذ الاتفاقية ’ أما القسم الثاني من الاتفاقية فقد تضمن النص على إجراءات التصديق و التنفيذ والتعديل .
ب الاتفاقية الدولية للحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
صدرت
الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية بموجب قرار لجنة حقوق
الإنسان رقم 14 والقرار رقم 1421ـ46 للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي للمجلس
الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة وهي الحقوق الأساسية هي:
1 حق العدل
وهو أساس الحقوق الاقتصادية
2 حق
التأمين الاجتماعي وهو أساس الحقوق الاجتماعي
3 حق
التعليم وهو أساس الحقوق الثقافية
ويتضمن
العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ’ على إحدى وثلاثون مادة
موزعة على خمسة أجزاء ’ فتضمن الجزء الأول على حق الشعوب في تقرير مصيرها والمساواة ’ وعدم التمييز بينهما ’ وحق الشعوب
في التصرف الحر في ثرواتها ’ أما الجزء الثاني فقد تناول مدى التزام الدول بأحكام
العهد ’ أما الجزء الثالث فقد تحدث عن الحق في العمل والحق بالتمتع بشروط عمل
عادلة ’ الحق في تشكيل النقابات ’ والحق في الإضراب ’ وكذا الحق في الضمان
الاجتماعي ’ والأمن الغذائي والصحي ’ وكذا حق الأسرة والأطفال والمراهقين في
الحماية والمساعدة والحق في مستوى معيشي كاف ’ والحق في الصحة ’ وحق كل فرد في
التعليم والحياة الثقافية وبالمقابل فقد نص الجزء الرابع على تنظيم الإشراف الدولي
على تطبيق هذا العهد ’ أما الجزء الخامس فقد نص على إجراءات التنفيذ والتصديق.
وتتجلى
الحقوق الاقتصادية والاجتماعي في:
1ـ العهد
الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966
2ـ اتفاقية
بشأن إقامة نظام دولي للحفاظ على حقوق العجزة والمسنين والورثة في التأمين عام
1925
3ـ اتفاقية
بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي عام 1952
4ـ اتفاقية
بشأن المساواة للمعاملة بين الوطنيين وغير الوطنيين في مجال الضمان الاجتماعي عام
1962
5ـ اتفاقية
بشأن إقامة نظام دولي للحفاظ على الحقوق في مجال الضمان الاجتماعي عام 1962
أما الحقوق
الثقافية فهي:
1ـ
الاتفاقية الخاصة بمناهضة التمييز في مجال التعليم عام 1960
2ـ الإعلان
العالمي حول {التربية للجميع }سنة1990
3ـ اعلان
كاستيليون بشأن الأفاق الجدية للتراث المشترك للبشرية سنة 1999
4ـ إعلان
اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي عام 2001
![]() |
ـ وائل
علام , الاتفاقيات الدولية للحقوق الإنسان
, المرجع السابق , ص 297
المطلب الثاني: حقوق الإنسان في الإعلانات ذات
المنحى الخاص
إن الوثائق المتعلقة بحقوق الإنسان ليست
متطابقة المضامين فهي تتضمن حقوق متنوعة كما تهدف إلى حماية فئات متنوعة من
البشر’ ويتعلق الأمر بعدد من الاتفاقيات
الدولية ’ التي نظمت جوانب محددة تتعلق بحقوق الإنسان ’ ومن هذه الاتفاقيات يمكن
أن نذكر الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ’ و
الاتفاقيات الخاصة باللاجئين ’ والاتفاقية
الخاصة بمكافحة التمييز العنصري ضد المرأة .
ويتميز هذا النوع من الوثائق بتخصصه في ضمان
الحقوق نفسها أو ضمانها لفئة إنسانية محددة.
الفرع الأول: الوثائق المتخصصة
لحماية بعض الفئات
تتميز هذه الوثائق بأنها تهدف إلى حماية
شريحة إنسانية محددة وهي شرائح تتميز بهشاشة
وضعها الاجتماعي أو الإنساني مثل:
1ـ المرأة:
لقد
كانت المرأة هي أولى الفئات الإنسانية التي أثارت انتباه المشرع الدولي في مجال
حقوق الإنسان خاصة على المستوى الأممي .
ولقد ساوى ميثاق الأمم المتحدة بين الرجل
والمرأة بعبارات وردت في ديباجته والتي أكدت على أن الشعوب الأمم المتحدة قد آلت
على نفسها (أن تؤكد من جديد إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره
وبما للرجال والنساء ... من حقوق متساوية )
2ـ الطفل:
فقد كان هو الأخر محلا لتشريع الدولي في مجال
حقوق الإنسان منذ صدور إعلان حقوق الطفل لسنة 1959 ثم بعد ذلك معاهدة الأمم
المتحدة لحقوق الطفل بتاريخ 20 نوفمبر 1989
3ـ العامل:
و قد كان موضوعا لعدة معاهدات دولية متعلقة به
مباشرة أو بظروف عمله سواء في إطار الأمم المتحدة أو في إطار منظمة العمل الدولية
التي تعتبر متخصصة في إعمال حقوق العمال
4ـ اللاجئ :
وقد استفاد هو الأخر من هذا التشريع كما يبدو
ذلك من الاتفاقية الدولية للاجئين الصادرة بتاريخ 28 أكتوبر 1951 و كذلك البروتوكول
الخاص بوضعية اللاجئين والذي بذا نفاذه في أكتوبر 1967 وقد كانت صياغة هذه الوثائق
الدولية للحقوق الإنسان على هذا الأساس محل انتقاد من طرف الفقه باعتبارها قد تؤدي
إلى تمييز جديد باعتبار أن التأكيد على حق
فئة محدودة ليس إلا صورة من صور التمييز وهو ما يعتبر منافي لاحترام حقوق الإنسان
التي تمثل أهداف المعرفة خصوصا في
محاربـة التـمـييز .
إلا أن القبول بهذا قد يؤدي بنا إلى أن نساوي
بين فئات غير متساوية مما يعتبر صورة من صور الإجحاف يجب تفاديها بتوفير حماية
لمثل هذه الفئات بصياغة المواثيق الدولية اللازمة لذلك ’ إن هذا التمييز ليس دائما
خرقا لمبدأ المساواة خاصة إذا كان هدفه إرساء العدالة وضمان الحقوق لفئات تتمتع
بتلك الحقوق في حالة وضعها على قدم المساواة مع فئات أخرى .
الفرع
الثاني:الوثائق المتخصصة القائمة على أساس
الحق
تسعى مثل هذه الوثائق إلى تأكيد حق واحد من
حقوق الإنسان نظرا لما يمثله ذلك الحق من أهمية جوهرية بالنسبة للإنسان ومن أمثلة
هذه الوثائـق:
1ـ الحق في عدم الاسترقاق
يعتبر الرق محظورا من طرف الاتفاقية المتعلقة
بالرق الموقعة بجنيف في 25 شتنبر 1926 والبروتوكول المعدل لها والذي بدأ نفاذه
بتاريخ 7 شتنبر 1957 ثم بالاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف
والممارسات الشبيهة بالرق والتي دخلت حيز النفاذ
في 30 أبريل 1959 ’ وكذلك بالاتفاقية المتعلقة بحظر الاتجار بالأشخاص واستغلال
دعارة الغير الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2 دجنبر 1949 ’ فهذه
الوثائق تتكامل فيما بينها كمرجعية قانونية لحماية الإنسان من الاسترقاق
والممارسات المشابهة له .
2ـ الحق في عدم الإخضاع
للتعذيب
لقد كان الحق في عدم الإخضاع للتعذيب موضوعا
كذلك لوثائق متخصصة كإعلان حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية
أو اللإنسانية أو الحاطة بالكرامة الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 9 دجنبر 1975 ثم
بعد ذلك الاتفاقية التي تحمل نفس العنوان والتي كانت السويد هي من تقدم بمشروعها
إلى لجنة حقوق الإنسان ’ وتم تبنيها من طرف لجنة حقوق الإنسان وإصدارها من طرف
الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 دجنبر 1948 .
3ـ الحق في عدم التمييز
لقد كان هذا الحق أكثر الحقوق استفادة من
التشريع الدولي في مجال حقوق الإنسان حيث تم سن وثائق دولية بهدف عدم التعرض
لأنواع التمييز بشكل عام بغض النظر عن الفئة المستهدفة ’ كاتفاقية منع التمييز في
مجال التعليم الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم بتاريخ 14
دجنبر 1960 ’ كما قد تهدف مثل هذه الاتفاقيات إلى منع التمييز ضد فئة معينة
كاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عن الأمم المتحدة في 10
دجنبر 1979 .
إن إصدار هذه الوثائق للتأكيد على بعض الحقوق
قد يعتبر نوعا من التأكيد على الحقوق الجوهرية للإنسان إلا أن الاسترسال في سن هذا
النوع من المعاهدات كان في نظر البعض عاملا سلبيا قد يساعد في صرف الجهد المخصص
لإعمالها والاقتصار فقط على إصدار النصوص دون تطبيقها فلو انصب المشرع الدولي
لحقوق الإنسان إلى إيجاد صيغة لفرض احترام الحقوق التي تم الاعتراف بها في
المواثيق المتعددة لحقوق الإنسان لكان ذلك خيرا نجد هذه النبرة عند كارل فازاك حيث
يؤكد قائلا {لا فائدة من تعدد النصوص التي بمقتضياتها البرنامجية حاملة لوعود عامة
أكثر من رؤية للتطبيق العملي في إطار القانون الداخلي ... فالأولى كان العمل على إنشاء
مؤسسات يكون عملها تحديد طرق حماية القواعد السابقة التي سبق تحديدها.
خاتمة :
إن موضوع الحقوق الإنسان موضوع هام وقد
برزت أهميته أكثر بتطور الحياة في مختلف المجالات حيث نادت إعلانات كثيرة ودساتير
بالحقوق والحريات عامة ودعت إلى كفالة حمايتها من خلال مبدأ المساواة.
وبالتالي نستخلص مما سبق أن حقوق
الإنسان لا يمكن لها أن تقوم إلا في ظل دولة قانونية تكفل هذه الحقوق وتحميهامن
خلال مؤسسات دستورية أساسها مشاركة كل الأفراد في تسيير الشؤون العمومية والقدرة
على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد.
و في الأخير أتمنى أن
نكون قد وفقنا في إعطاء فكرة و لو بسيطة عن موضوع حقوق الإنسان في ظل الأ‘لانات
والدساتير الدولية .